ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين وأنتم ظالمون : يجوز أن يكون حالا، أي عبدتم العجل وأنتم واضعون العبادة غير موضعها، وأن يكون اعتراضا بمعنى: وأنتم قوم عادتكم الظلم، وكرر رفع
الطور لما نيط به من زيادة ليست مع الأول، مع ما فيه من التوكيد "واسمعوا" ما أمرتم به في التوراة
قالوا سمعنا : قولك "وعصينا" أمرك.
فإن قلت: كيف طابق قوله جوابهم؟
[ ص: 298 ] قلت: طابقه من حيث إنه قال لهم: "اسمعوا"، وليكن سماعكم سماع تقبل وطاعة، فقالوا: "سمعنا"، ولكن لا سماع طاعة،
وأشربوا في قلوبهم العجل أي: تداخلهم حبه والحرص على عبادته كما يتداخل الثوب الصبغ.
وقوله:
في قلوبهم : بيان لمكان الإشراب، كقوله:
إنما يأكلون في بطونهم نارا [النساء: 10] "بكفرهم": بسبب كفرهم،
بئسما يأمركم به إيمانكم : بالتوراة; لأنه ليس في التوراة عبادة العجاجيل، وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم، كما قال قوم
شعيب: أصلاتك تأمرك [هود: 87] وكذلك إضافة الإيمان إليهم، وقوله:
إن كنتم مؤمنين تشكيك في إيمانهم وقدح في صحة دعواهم له.