قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون "المكانة" : تكون مصدرا ، يقال : مكن مكانة إذا تمكن أبلغ التمكن ، وبمعنى المكان ، يقال : مكان ومكانة ، ومقام ومقامة ، وقوله :
اعملوا على مكانتكم ، يحتمل : اعملوا على تمكنكم من أمركم ، وأقصى استطاعتكم وإمكانكم ، أو اعملوا على جهتكم وحالكم التي أنتم عليها ، يقال للرجل إذا أمر أن يثبت على حاله : على مكانتك يا فلان ، أي : اثبت
[ ص: 399 ] على ما أنت عليه لا تنحرف عنه
إني عامل أي : عامل على مكانتي التي أنا عليها ، والمعنى : اثبتوا على كفركم وعداوتكم لي ; فإني ثابت على الإسلام ، وعلى مصابرتكم
فسوف تعلمون : أينا تكون له العاقبة المحمودة ، وطريقة هذا الأمر طريقة قوله :
اعملوا ما شئتم [فصلت : 40] ، وهي "التخلية" ، والتسجيل على المأمور بأنه لا يأتي منه إلا الشر ، فكأنه مأمور به ، وهو واجب عليه حتم ليس له أن يتفصى عنه ، ويعمل بخلافه .
فإن قلت : ما موضع "من"؟
قلت : الرفع إذا كان بمعنى : "أي" ، وعلق عنه فعل العلم ، أو النصب إذا كان بمعنى : "الذي" ، و
عاقبة الدار : العاقبة الحسنى التي خلق الله - تعالى - هذه الدار لها ، وهذا طريق من الإنذار لطيف المسلك ، فيه إنصاف في المقال ، وأدب حسن ، مع تضمن شدة الوعيد ، والوثوق بأن المنذر محق والمنذر مبطل .