قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين [ ص: 426 ] ألا تسجد : "لا" في : "أن لا تسجد" : صلة ; بدليل قوله :
ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ، ومثلها : "لئلا يعلم أهل الكتاب" ، بمعنى : ليعلم .
فإن قلت : ما فائدة زيادتها؟
قلت : توكيد معنى الفعل الذي تدخل عليه وتحقيقه ، كأنه قيل : ليتحقق علم أهل الكتاب ، وما منعك أن تحقق السجود وتلزمه نفسك؟
إذ أمرتك لأن أمري لك بالسجود أوجبه عليك إيجابا وأحتمه عليك حتما لا بد منه .
فإن قلت : لم سأله عن المانع من السجود ، وقد علم ما منعه؟
قلت : للتوبيخ ، وإظهار معاندته ، وكفره ، وافتخاره بأصله ، وازدرائه بأصل آدم ، وأنه خالف أمر ربه معتقدا أنه غير واجب عليه ، لما رأى أن سجود الفاضل للمفضول خارج من الصواب .
فإن قلت : كيف يكون قوله :
أنا خير منه جوابا لما منعك ، وإنما الجواب أن يقول : منعني كذا؟
قلت : قد استأنف قصة أخبر فيها عن نفسه بالفضل على
آدم ، وبعلة فضله عليه ، وهو أن أصله من نار ، وأصل
آدم من طين ، فعلم منه الجواب وزيادة عليه ، وهي إنكار للأمر ، واستبعاد أن يكون مثله مأمورا بالسجود لمثله ، كأنه يقول : من كان على هذه الصفة ، كان مستبعدا أن يؤمر بما أمر به .