لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم لقد أرسلنا نوحا : جواب قسم محذوف .
[ ص: 453 ] فإن قلت : ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام ، إلا مع " قد " وقل عنهم ; نحو قوله : [من الطويل]
حلفت لها بالله حلفة فاجر لناموا . . . . . . . . . .
قلت : إنما كان ذلك ; لأن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها ، التي هي جوابها ، فكانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى " قد " عند استماع المخاطب كلمة القسم .
قيل : أرسل
نوحا - عليه السلام - وهو ابن خمسين سنة ، وكان نجارا ، وهو
نوح بن لمك بن متوسلخ بن أخنوخ ،
وأخنوخ اسم إدريس النبي عليه السلام .
[ ص: 454 ] وقرئ : " غيره " ، بالحركات الثلاث ، فالرفع على المحل ; كأنه قيل : ما لكم إله غيره ، والجر على اللفظ ، والنصب على الاستثناء ، بمعنى : ما لكم من إله إلا إياه ; كقولك : ما في الدار من أحد إلا زيد أو غير زيد .
فإن قلت : فما موقع الجملتين بعد قوله : "اعبدوا الله"؟
قلت : الأولى بيان لوجه اختصاصه بالعبادة .
والثانية : بيان للداعي إلى عبادته ; لأنه هو المحذور عقابه دون ما كانوا يعبدونه من دون الله ، واليوم العظيم : يوم القيامة ، أو يوم نزول العذاب عليهم ، وهو الطوفان .