قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونـزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين
فإن قلت : كيف قال له :
فأت بها بعد قوله :
إن كنت جئت بآية ؟
قلت : معناه إن كنت جئت من عند من أرسلك بآية ، فأتني بها ، وأحضرها عندي ، لتصح دعواك ، ويثبت صدقك
ثعبان مبين : ظاهر أمره لا يشك في أنه ثعبان ، وروي أنه كان ثعبانا ذكرا ، أشعر ، فاغرا فاه ، بين لحييه ثمانون ذراعا ، وضع لحيه الأسفل في الأرض ، ولحيه الأعلى على سور القصر ، ثم توجه نحو
فرعون ليأخذه ، فوثب
فرعون من سريره ، وهرب ، وأحدث ، ولم يكن أحدث قبل ذلك ، وهرب الناس وصاحوا ، وحمل على الناس فانهزموا فمات خمسة وعشرون ألفا ، قتل بعضهم بعضا ، ودخل
فرعون البيت وصاح : يا
موسى ، خذه ، وأنا أومن بك ، وأرسل معك بني إسرائيل ، فأخذه
موسى فعاد عصى .
فإن قلت : بم يتعلق : "للناظرين"؟
[ ص: 485 ] قلت : يتعلق بـ “ بيضاء" ، والمعنى : فإذا هي بيضاء للنظارة ، ولا تكون بيضاء للنظارة إلا إذا كان بياضا عجيبا ، خارجا عن العادة ، يجتمع الناس للنظر إليه ، كما تجتمع النظارة للعجائب ; وذلك ما يروى : أنه أرى
فرعون يده وقال : ما هذه؟ قال : يدك ، ثم أدخلها جيبه ، وعليه مدرعة صوف ونزعها ، فإذا هي بيضاء بياضا نورانيا ، غلب شعاعها شعاع الشمس ، وكان
موسى - عليه السلام - آدم شديد الأدمة .