وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين
فإن قلت : هلا قيل : وجاء السحرة فرعون فقالوا؟
قلت : هو على تقدير سائل سأل : ما قالوا إذ جاءوه ؟ فأجيب بقوله :
قالوا إن لنا لأجرا [ ص: 486 ] أي : جعلا على الغلبة ، وقرئ : "إن لنا لأجرا" ، على الإخبار ، وإثبات الأجر العظيم ، وإيجابه ; كأنهم قالوا : لا بد لنا من أجر ، والتنكير للتعظيم ; كقول العرب : إن له لإبلا ، وإن له لغنما ، يقصدون الكثرة .
فإن قلت :
وإنكم لمن المقربين ، ما الذي عطف عليه؟
قلت : هو معطوف على محذوف سد مسده حرف الإيجاب ; كأنه قال إيجابا لقولهم : إن لنا لأجرا ، نعم إن لكم لأجرا ، وإنكم لمن المقربين ، أراد : إني لأقتصر بكم على الثواب وحده ، وإن لكم مع الثواب ما يقل معه الثواب ، وهو التقريب والتعظيم ; لأن المثاب إنما يتهنأ بما يصل إليه ويغتبط به إذا نال معه الكرامة والرفعة .
وروي أنه قال لهم : تكونون أول من يدخل وآخر من يخرج ، وروى : أنه دعا برؤساء السحرة ، ومعلميهم ، فقال لهم : ما صنعتم؟ قالوا : قد علمنا سحرا لا يطيقه سحرة أهل الأرض ، إلا أن يكون أمرا من السماء ; فإنه لا طاقة لنا به ، وروي أنهم كانوا ثمانين ألفا ، وقيل : سبعين ألفا ، وقيل : بضعة وثلاثين ألفا ، واختلفت الروايات ، فمن مقل ومن مكثر ، وقيل : كان يعلمهم مجوسيان من أهل
نينوى ، وقيل : قال
فرعون : لا نغالب
موسى إلا بما هو منه ، يعني السحر .