وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون وإذ نتقنا الجبل فوقهم : قلعناه ورفعناه ; كقوله :
ورفعنا فوقهم الطور ، ومنه : نتق
[ ص: 529 ] السقاء ، إذا نفضه ليقتلع الزبدة منه ، والظلة : كل ما أظلك من سقيفة أو سحاب ، وقرئ : بالطاء ، من أطل عليه إذا أشرف
وظنوا أنه واقع بهم : وعلموا أنه ساقط عليهم ، وذلك أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة ; لغلظها وثقلها ، فرفع الله الطور على رءوسهم مقدار عسكرهم ، وكان فرسخا في فرسخ ، . وقيل لهم : إن قبلتموها بما فيها ، وإلا ليقعن عليكم ، فلما نظروا إلى الجبل ، خر كل رجل منهم ساجدا على حاجبه الأيسر ، وهو ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقا من سقوطه ; فلذلك لا ترى يهوديا يسجد إلا على حاجبه الأيسر ، ويقولون : هي السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة ، ولما نشر
موسى الألواح وفيها كتاب الله ، لم يبق جبل ، ولا شجر ، ولا حجر إلا اهتز ; فلذلك لا ترى يهوديا تقرأ عليه التوراة إلا اهتز وأنغض لها رأسه
خذوا ما آتيناكم : على إرادة القول ، أي : وقلنا خذوا ما آتيناكم ، أو قائلين : خذوا ما آتيناكم من الكتاب ، "بقوة" : وعزم على احتمال مشاقه وتكاليفه
واذكروا ما فيه : من الأوامر ، والنواهي ، ولا تنسوه ، أو اذكروا ما فيه من التعريض للثواب العظيم فارغبوا فيه ، ويجوز أن يراد : خذوا ما آتيناكم من الآية العظيمة بقوة إن كنتم تطيقونه ; كقوله :
إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا [الرحمن : 33]
واذكروا ما فيه : من الدلالة على القدرة الباهرة والإنذار
لعلكم تتقون : ما أنتم عليه ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "وتذكروا" ، وقرئ : "واذكروا" ، بمعنى : وتذكروا .