يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين إذا لقيتم فئة : إذا حاربتم جماعة من الكفار ، وترك أن يصفها لأن المؤمنين ما كانوا يلقون إلا الكفار ، واللقاء اسم للقتال غالب ، "فاثبتوا" : لقتالهم ولا تفروا
واذكروا الله كثيرا : في مواطن الحرب مستظهرين بذكره ، مستنصرين به ، داعين له على عدوكم : اللهم اخذلهم ، اللهم اقطع دابرهم
لعلكم تفلحون : لعلكم تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة ، وفيه إشعار بأن على العبد أن لا يفتر عن ذكر ربه أشغل ما يكون قلبا وأكثر ما يكون هما ، وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك ، وإن كانت متوزعة عن غيره ، وناهيك بما
[ ص: 588 ] في خطب أمير المؤمنين - عليه السلام - في أيام صفين وفي مشاهده مع البغاة والخوارج - من البلاغة ، والبيان ، ولطائف المعاني ، وبليغات المواعظ ، والنصائح - دليلا على أنهم كانوا لا يشغلهم عن ذكر الله شاغل ، وإن تفاقم الأمر
ولا تنازعوا : قرئ بتشديد النون ، "فتفشلوا" : منصوب بإضمار "أن" ; أو مجزوم لدخوله في حكم النهي ، وتدل على التقديرين قراءة من قرأ
وتذهب ريحكم : بالتاء والنصب ، وقراءة من قرأ : ويذهب ريحكم ، بالياء والجزم ، والريح : الدولة ، شبهت في نفوذ أمرها وتمشيه بالريح وهبوبها ، فقيل : هبت رياح فلان ، إذا دالت له الدولة ونفذ أمره ; ومنه قوله [من البسيط] :
يا صاحبي ألا حي بالوادي إلا عبيد قعود بين أذواد أتنظران قليلا ريث غفلتهم
أم تعدوان فإن الريح للعادي؟
وقيل : لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله - تعالى- . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650977 "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" .