ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد ولو ترى : ولو عاينت وشاهدت ; لأن " لو " ترد المضارع إلى معنى الماضي ; كما ترد " إن " الماضي إلى معنى الاستقبال . و " إذ " : نصب على الظرف ، وقرئ : " يتوفى " بالياء والتاء ، و " الملائكة " : رفعها بالفعل ، و " يضربون " : حال منهم ، ويجوز أن يكون في " يتوفى " : ضمير الله - عز وجل - و " الملائكة " : مرفوعة بالابتداء ، و " يضربون " : خبر ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : وأدبارهم : استاههم ، ولكن الله كريم يكنى ، وإنما خصوهما بالضرب ; لأن الخزي والنكال في ضربهما أشده ، وبلغني عن أهل
الصين أن عقوبة الزاني عندهم أن يصبر ، ثم يعطي الرجل القوي البطش شيئا عمل من حديد كهيئة الطبق فيه رزانة
[ ص: 591 ] وله مقبض ، فيضربه على دبره ضربة واحدة بقوته فيجمد في مكانه ، وقيل : يضربون ما أقبل منهم وما أدبر ، " وذوقوا " : معطوف على " يضربون " على إرادة القول ، أي : ويقولون ذوقوا
عذاب الحريق أي : مقدمة عذاب النار ، أو : وذوقوا عذاب الآخرة ، بشارة لهم به ، وقيل : كانت معهم مقامع من حديد ، كلما ضربوا بها ، التهبت النار ، أو : ويقال لهم يوم القيامة : ذوقوا ، وجواب " لو " : محذوف : أي : لرأيت أمرا فظيعا منكرا
ذلك بما قدمت أيديكم : يحتمل أن يكون من كلام الله ، ومن كلام الملائكة ، و "ذلك " : رفع بالابتداء ، و " بما قدمت " : خبره
وأن الله : عطف عليه ، أي : ذلك العذاب بسببين : بسبب كفركم ومعاصيكم ، وبأن الله :
ليس بظلام للعبيد ; لأن تعذيب الكفار من العدل كإثابة المؤمنين ، وقيل : ظلام للتكثير لأجل العبيد ، أو لأن العذاب من العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان المعذب بمثله ظلاما بليغ الظلم متفاقمه .