إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين
فإن قلت: مم استثنى قوله
إلا الذين عاهدتم ؟
[ ص: 12 ] قلت: وجهه أن يكون مستثنى من قوله:
فسيحوا في الأرض [التوبة: 2]; لأن الكلام خطاب للمسلمين، ومعناه: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين، فقولوا لهم: سيحوا، إلا الذين عاهدتم منهم ثم لم ينقضوا فأتموا إليهم عهدهم "والاستثناء" بمعنى: الاستدراك، وكأنه قيل: بعد أن أمروا في الناكثين، ولكن الذين لم ينكثوا فأتموا عليهم عهدهم، ولا تجروهم مجراهم، ولا تجعلوا الوفي كالغادر،
إن الله يحب المتقين يعني: أن قضية التقوى ألا يسوي بين القبيلين فاتقوا الله في ذلك،
لم ينقصوكم شيئا : لم يقتلوا منكم أحدا ولم يضروكم قط،
ولم يظاهروا : ولم يعاونوا، "عليكم" : عدوا، كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=66694عدت بنو بكر على خزاعة عيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وظاهرتهم قريش بالسلاح حتى وفد عمرو بن سالم الخزاعي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنشد: [من الرجز]
لاهم إني ناشد محمدا
حلف أبينا وأبيك الأتلدا
إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ذمامك المؤكدا
هم بيتونا بالحطيم هجدا
وقتلونا ركعا وسجدا
[ ص: 13 ] فقال عليه الصلاة والسلام: "لا نصرت إن لم أنصركم"، وقرئ: "لم ينقضوكم" بالضاد معجمة، أي: لم ينقضوا عهدكم، ومعنى:
فأتموا إليهم : فأدوه إليهم تاما كاملا، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنه-: بقي لحي من
كنانة من عهدهم تسعة أشهر، فأتم إليهم عهدهم .