قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب [ ص: 222 ] فلما رأت الملائكة ما لقي
لوط من الكرب، قالوا: يا
لوط، إن ركنك لشديد،
إنا رسل ربك لن يصلوا إليك : فافتح الباب ودعنا وإياهم، ففتح الباب فدخلوا، فاستأذن
جبريل -عليه السلام- ربه في عقوبتهم، فأذن له، فقام في الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه -وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم، وهو براق الثنايا- فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم فأعماهم، كما قال الله تعالى:
فطمسنا أعينهم [القمر: 37] ، فصاروا لا يعرفون الطريق، فخرجوا وهم يقولون: النجاة النجاة، فإن في بيت
لوط قوما سحرة،
لن يصلوا إليك : جملة موضحة للتي قبلها; لأنهم إذا كانوا رسل الله لم يصلوا إليه، ولم يقدروا على ضرره، قرئ: "فأسر" بالقطع والوصل، و
إلا امرأتك : بالرفع والنصب، وروي أنه قال لهم: متى موعد هلاكهم ؟ قالوا: الصبح، فقال: أريد أسرع من ذلك، فقالوا:
أليس الصبح بقريب ، وقرئ: "الصبح" بضمتين .
فإن قلت: ما وجه قراءة من قرأ: "إلا امرأتك" بالنصب ؟
قلت: استثناها من قوله: "فأسر بأهلك"; والدليل عليه قراءة
عبد الله : "فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك" . ويجوز أن ينتصب عن لا يلتفت، على أصل الاستثناء، وإن كان الفصيح هو البدل، أعني قراءة من قرأ بالرفع، فأبدلها عن أحد، وفي إخراجها مع أهله روايتان: روي أنه أخرجها معهم، وأمر ألا يلتفت منهم أحد إلا هي، فلما سمعت هدة العذاب التفتت، وقالت: يا قوماه، فأدركها حجر فقتلها، وروي أنه أمر بأن يخلفها مع قومها، فإن هواها إليهم، فلم يسر بها، واختلاف القراءتين; لاختلاف الروايتين .