يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد
قرئ: "يوم يأتيهم" : بغير ياء، ونحوه قولهم: لا أدر، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه ، وحذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة
هذيل .
فإن قلت: فاعل يأتي ما هو ؟
قلت: الله -عز وجل- كقوله:
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله [البقرة: 210]،
أو يأتي ربك [الأنعام: 158]،
وجاء ربك [الفجر: 22]، وتعضده قراءة: "وما يؤخره" بالياء، وقوله: "بإذنه"، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اليوم، كقوله تعالى: ( أن تأتيهم الساعة ) .
فإن قلت: بما انتصب الظرف ؟
قلت: إما أن ينتصب بلا تكلم، وإما بإضمار "اذكر"، وإما بالانتهاء المحذوف في قوله:
إلا لأجل معدود أي: ينتهي الأجل يوم يأتي.
فإن قلت: فإذا جعلت الفاعل ضمير اليوم، فقد جعلت اليوم وقتا لإتيان اليوم وحددت الشيء بنفسه.
قلت: المراد إتيان هوله وشدائده،
لا تكلم : لا تتكلم، وهو نظير قوله:
لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن [النبأ: 21].
فإن قلت: كيف يوفق بين هذا وبين قوله تعالى:
يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها [النحل: 111]، وقوله تعالى:
هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون [المرسلات: 35 ، 36].
قلت: ذلك يوم طويل له مواقف ومواطن، ففي بعضها يجادلون عن أنفسهم، وفي بعضها يكفون عن الكلام، فلا يؤذن لهم، وفي بعضها يؤذن لهم فيتكلمون، وفي بعضها: يختم على أفواههم، وتتكلم أيديهم، وتشهد أرجلهم،
فمنهم : الضمير: لأهل
[ ص: 237 ] الموقف ولم يذكروا; لأن ذلك معلوم، ولأن قوله:
لا تكلم نفس : يدل عليه، وقد مر ذكر الناس في قوله:
مجموع له الناس [هود: 103]، والشقي الذي وجبت له النار لإساءته، والسعيد الذي وجبت له الجنة لإحسانه .