[ ص: 239 ] وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص غير مجذوذ : غير مقطوع، ولكنه ممتد إلى غير نهاية، كقوله:
لهم أجر غير ممنون [الانشقاق: 25]، لما قص قصص عبدة الأوثان، وذكر ما أحل بهم من نقمه، وما أعد لهم من عذابه، قال:
فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء أي: فلا تشك بعدما أنزل عليك من هذا القصص في سوء عاقبة عبادتهم، وتعرضهم بها لما أصاب أمثالهم قبلهم تسلية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعدة بالانتقام منهم ووعيدا لهم، ثم قال:
ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم يريد: أن حالهم في الشرك مثل حال آبائهم من غير تفاوت بين الحالين، وقد بلغك ما نزل بآبائهم فسينزلن بهم مثله، وهو استئناف معناه تعليل النهي عن المرية، و "ما": في "مما"، و"كما": يجوز أن تكون مصدرية وموصولة، أي: من عبادتهم، وكعبادتهم، أو مما يعبدون من الأوثان، ومثل ما يعبدون منها،
وإنا لموفوهم نصيبهم : أي: حظهم من العذاب، كما وفينا آباءهم أنصباءهم .
فإن قلت: كيف نصب "غير منقوص" حالا عن النصيب الموفي ؟
قلت: يجوز أن يوفي وهو ناقص، ويوفي وهو كامل; ألا تراك تقول: وفيته شطر حقه، وثلث حقه، وحقه كاملا وناقصا .