ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة : يعني: لاضطرهم إلى أن يكونوا أهل أمة واحدة أي: ملة واحدة، وهي ملة الإسلام، كقوله:
إن هذه أمتكم أمة واحدة ، وهذا الكلام يتضمن نفي الاضطرار، وأنه لم يضطرهم إلى الاتفاق على دين الحق، ولكنه
[ ص: 248 ] مكنهم من الاختيار الذي هو أساس التكليف، فاختار بعضهم الحق وبعضهم الباطل، فاختلفوا، فلذلك قال:
ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك إلا ناسا هداهم الله ولطف بهم، فاتفقوا على دين الحق غير مختلفين فيه،
ولذلك خلقهم : ذلك إشارة إلى ما دل عليه الكلام الأول وتضمنه، يعني: ولذلك من التمكن والاختيار الذي كان عنه الاختلاف خلقهم، ليثيب مختار الحق بحسن اختياره، ويعاقب مختار الباطل بسوء اختياره،
وتمت كلمة ربك : وهي قوله للملائكة:
لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ; لعلمه بكثرة من يختار الباطل .