قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء أن يغرقني
قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم إلا الراحم وهو الله تعالى أو إلا مكان من رحمهم الله وهم المؤمنون ، رد بذلك أن يكون اليوم معتصم من جبل ونحوه يعصم اللائذ به إلا معتصم المؤمنين وهو السفينة . وقيل لا عاصم بمعنى لا ذا عصمة كقوله :
في عيشة راضية وقيل الاستثناء منقطع أي لكن من رحمه الله يعصمه .
وحال بينهما الموج بين
نوح وابنه أو بين ابنه والجبل .
فكان من المغرقين فصار من المهلكين بالماء .
وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي نوديا بما ينادى به أولو العلم وأمرا بما يؤمرون به ، تمثيلا لكمال قدرته وانقيادهما لما يشاء تكوينه فيهما بالأمر المطاع الذي يأمر المنقاد لحكمه المبادر إلى امتثال أمره ، مهابة من عظمته وخشية من أليم عقابه ، والبلع النشف والإقلاع الإمساك .
وغيض الماء نقص .
وقضي الأمر وأنجز ما وعد من إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين .
واستوت واستقرت السفينة .
على الجودي جبل
بالموصل وقيل
بالشام وقيل بآمل .
روي أنه ركب السفينة عاشر رجب ونزل عنها عاشر المحرم فصام ذلك اليوم فصار ذلك سنة .
وقيل بعدا للقوم الظالمين هلاكا لهم ، يقال : بعد بعدا وبعدا ، إذا بعد بعدا بعيدا بحيث لا يرجى عوده ، ثم استعير للهلاك وخص بدعاء السوء ، والآية في غاية الفصاحة لفخامة لفظها وحسن نظمها والدلالة على كنه الحال مع الإيجاز الخالي عن الإخلال ، وفي إيراد الأخبار على البناء للمفعول دلالة على تعظيم الفاعل ، وأنه متعين في نفسه مستغن عن ذكره ، إذ لا يذهب الوهم إلى غيره للعلم بأن مثل هذه الأفعال لا يقدر عليها سوى الواحد القهار .