وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون [ ص: 119 ] وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله الضمير للناس، وعدل بالخطاب عنهم للنداء على ضلالهم، كأنه التفت إلى العقلاء وقال لهم: انظروا إلى هؤلاء الحمقى ماذا يجيبون.
قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ما وجدناهم عليه، نزلت في المشركين أمروا باتباع القرآن وسائر ما أنزل الله من الحجج والآيات، فجنحوا إلى التقليد. وقيل في طائفة من اليهود دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فقالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا لأنهم كانوا خيرا منا وأعلم. وعلى هذا فيعم ما أنزل الله التوراة لأنها أيضا تدعو إلى الإسلام.
أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون الواو للحال، أو العطف. والهمزة للرد والتعجيب. وجواب (لو) محذوف أي لو كان آباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين، ولا يهتدون إلى الحق لاتبعوهم. وهو دليل على المنع من التقليد لمن قدر على النظر والاجتهاد. وأما اتباع الغير في الدين إذا علم بدليل ما أنه محق كالأنبياء والمجتهدين في الأحكام، فهو في الحقيقة ليس بتقليد بل اتباع لما أنزل الله.