وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم
(
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) الرسول من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها ، والنبي يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين
موسى وعيسى عليهم السلام ، ولذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم علماء أمته بهم ، فالنبي أعم من الرسول ويدل عليه أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الأنبياء فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=702102«مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، قيل فكم الرسل منهم قال : ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا » وقيل الرسول من جمع إلى المعجزة كتابا منزلا عليه ، والنبي غير الرسول من لا كتاب له . وقيل الرسول من يأتيه الملك بالوحي ، والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام . (
إلا إذا تمنى ) زور في نفسه ما يهواه . (
ألقى الشيطان في أمنيته ) في تشهيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا كما قال عليه الصلاة والسلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=815562«وإنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة » .
(
فينسخ الله ما يلقي الشيطان ) فيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون إليه والإرشاد إلى ما يزيحه . (
ثم يحكم الله آياته ) ثم يثبت آياته الداعية إلى الاستغراق في أمر الآخرة . (
والله عليم ) بأحوال الناس . (
حكيم ) فيما يفعله بهم ، قيل حدث نفسه بزوال المسكنة فنزلت . وقيل تمنى لحرصه على إيمان قومه أن ينزل عليه ما يقربهم إليه واستمر به ذلك حتى كان في ناديهم فنزلت عليه سورة ( والنجم ) فأخذ يقرؤها فلما بلغ ومناة الثالثة الأخرى وسوس إليه الشيطان حتى سبق لسانه سهوا إلى أن قال : تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ، ففرح به المشركون حتى شايعوه بالسجود لما سجد في آخرها ، بحيث لم يبق في المسجد مؤمن ولا مشرك إلا سجد ، ثم نبهه
جبريل عليه السلام فاغتم لذلك فعزاه الله بهذه الآية .
وهو مردود عند المحققين وإن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه ، وقيل (
تمنى ) قرأ كقوله :
تمنى كتاب الله أول ليلة . . . تمني داود الزبور على رسل
وأمنيته قراءته وإلقاء الشيطان فيها أن تكلم بذلك رافعا صوته بحيث ظن السامعون أنه من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم . وقد رد أيضا بأنه يخل بالوثوق على القرآن ولا يندفع بقوله (
فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ) لأنه أيضا يحتمله ، والآية تدل على
جواز السهو على الأنبياء وتطرق الوسوسة إليهم .