فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون فكذبوهما فكانوا من المهلكين ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون
(
فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا ) ثنى البشر لأنه يطلق للواحد كقوله (
بشرا سويا ) كما يطلق للجمع كقوله : (
فإما ترين من البشر أحدا ) ولم يثن المثل لأنه في حكم المصدر ، وهذه القصص كما نرى تشهد بأن قصارى شبه المنكرين للنبوة قياس حال الأنبياء على أحوالهم لما بينهم من المماثلة في الحقيقة وفساده يظهر للمستبصر
[ ص: 89 ]
بأدنى تأمل ، فإن النفوس البشرية وإن تشاركت في أصل القوى والإدراك لكنها متباينة الأقدام فيهما ، وكما ترى في جانب النقصان أغبياء لا يعود عليهم الفكر برادة ، يمكن أن يكون في طرف الزيادة أغنياء عن التفكر والتعلم في أكثر الأشياء وأغلب الأحوال ، فيدركون ما لا يدرك غيرهم ويعلمون ما لا ينتهي إليه علمهم ، وإليه أشار بقوله تعالى : (
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) . (
وقومهما ) يعني بني إسرائيل .
(
لنا عابدون ) خادمون منقادون كالعباد .
(
فكذبوهما فكانوا من المهلكين ) بالغرق في
بحر قلزم .
(
ولقد آتينا موسى الكتاب ) التوراة . (
لعلهم ) لعل بني إسرائيل ، ولا يجوز عود الضمير إلى
فرعون وقومه لأن التوراة نزلت بعد إغراقهم . (
يهتدون ) إلى المعارف والأحكام .