إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم
(
إنما المؤمنون ) أي الكاملون في الإيمان . (
الذين آمنوا بالله ورسوله ) من صميم قلوبهم . (
وإذا كانوا معه على أمر جامع ) كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة في الأمور ، ووصف الأمر بالجمع للمبالغة وقرئ «أمر جميع » . (
لم يذهبوا حتى يستأذنوه ) يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأذن لهم ، واعتباره في كمال الإيمان لأنه كالمصداق لصحته والمميز للمخلص فيه عن المنافق فإن ديدنه التسلل والفرار ، ولتعظيم الجرم في الذهاب عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذنه ولذلك أعاده مؤكدا على أسلوب أبلغ فقال : (
إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله ) فإنه يفيد أن المستأذن مؤمن لا محالة وأن الذهاب بغير إذن ليس كذلك . (
فإذا استأذنوك لبعض شأنهم ) ما يعرض لهم من المهام ، وفيه أيضا مبالغة وتضييق الأمر . (
فأذن لمن شئت منهم ) تفويض للأمر إلى رأي الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستدل به على أن بعض الأحكام مفوضة إلى رأيه ومن منع ذلك قيد المشيئة بأن تكون تابعة لعلمه بصدقه فكأن المعنى : فائذن لمن علمت أن له عذرا . (
واستغفر لهم الله ) بعد الإذن فإن الاستئذان ولو لعذر قصور لأنه تقديم لأمر الدنيا على أمر الدين . (
إن الله غفور ) لفرطات العباد .
[ ص: 116 ]
(
رحيم ) بالتيسير عليهم .