قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا
(
قالوا سبحانك ) تعجبا مما قيل لهم لأنهم إما ملائكة أو أنبياء معصومون ، أو جمادات لا تقدر على شيء أو إشعارا بأنهم الموسومون بتسبيحه وتوحيده فكيف يليق بهم إضلال عبيده ، أو تنزيها لله تعالى عن الأنداد . (
ما كان ينبغي لنا ) ما يصح لنا . (
أن نتخذ من دونك من أولياء ) للعصمة أو لعدم القدرة فكيف يصح لنا أن ندعو غيرنا أن يتولى أحدا دونك ، وقرئ ( نتخذ ) على البناء للمفعول من اتخذ الذي له مفعولان كقوله تعالى : (
واتخذ الله إبراهيم خليلا ) ومفعوله الثاني ( من أولياء ) و ( من ) للتبعيض وعلى الأول مزيدة لتأكيد النفي . (
ولكن متعتهم وآباءهم ) بأنواع النعم فاستغرقوا في الشهوات . (
حتى نسوا الذكر ) حتى غفلوا عن ذكرك أو التذكر لآلائك والتدبر في آياتك ، وهو نسبة للضلال إليهم من حيث إنه بكسبهم وإسناد له إلى ما فعل الله بهم فحملهم عليه ، وهو عين ما ذهبنا إليه فلا ينتهض حجة علينا للمعتزلة .
(
وكانوا ) في قضائك . (
قوما بورا ) هالكين مصدر وصف به ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع ، أو جمع بائر كعائذ وعوذ .
(
فقد كذبوكم ) التفات إلى العبدة بالاحتجاج والإلزام على حذف القول والمعنى فقد كذبكم المعبودون . (
بما تقولون ) في قولكم إنهم آلهة أو هؤلاء أضلونا والباء بمعنى في ، أو مع المجرور بدل من
[ ص: 121 ]
الضمير ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير بالياء أي : (
كذبوكم ) بقولهم (
سبحانك ما كان ينبغي لنا ) . ( فما يستطيعون ) أي المعبودون وقرأ
حفص بالتاء على خطاب العابدين . (
صرفا ) دفعا للعذاب عنكم ، وقيل حيلة من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال . (
ولا نصرا ) يعينكم عليه . (
ومن يظلم منكم ) أيها المكلفون . (
نذقه عذابا كبيرا ) هي النار والشرط وإن عم كل من كفر أو فسق لكنه في اقتضاء الجزاء مقيد بعدم المزاحم وفاقا ، وهو التوبة والإحباط بالطاعة إجماعا وبالعفو عندنا .