قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون [ ص: 160 ]
(
قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية ) عنوة وغلبة . (
أفسدوها ) تزييف لما أحست منهم من الميل إلى المقاتلة بادعائهم القوى الذاتية والعرضية ، وإشعار بأنها ترى الصلح مخافة أن يتخطى
سليمان خططهم فيسرع إلى إفساد ما يصادفه من أموالهم وعماراتهم ، ثم أن الحرب سجال لا تدري عاقبتها . (
وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) بنهب أموالهم وتخريب ديارهم إلى غير ذلك من الإهانة والأسر . (
وكذلك يفعلون ) تأكيد لما وصفت من حالهم وتقرير بأن ذلك من عاداتهم الثابتة المستمرة ، أو تصديق لها من الله عز وجل .
(
وإني مرسلة إليهم بهدية ) بيان لما ترى تقديمه في المصالحة ، والمعنى إني مرسلة رسلا بهدية أدفعه بها عن ملكي . (
فناظرة بم يرجع المرسلون ) من حاله حتى أعمل بحسب ذلك .
روي أنها بعثت
منذر بن عمرو في وفد وأرسلت معهم غلمانا على زي الجواري وجواري على زي الغلمان ، وحقا فيه درة عذراء وجزعة معوجة الثقب وقالت : إن كان نبيا ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة ثقبا مستويا وسلك في الخرزة خيطا ، فلما وصلوا إلى معسكره ورأوا عظمة شأنه تقاصرت إليهم نفوسهم ، فلما وقفوا بين يديه وقد سبقهم
جبريل بالحال فطلب الحق وأخبر عما فيه ، فأمر الأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة وأمر دودة بيضاء فأخذت الخيط ونفذت في الجزعة ، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه ثم رد الهدية .