وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين وقال لهم نبيهم لما طلبوا منه حجة على أنه سبحانه وتعالى اصطفى طالوت وملكه عليهم.
إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت الصندوق فعلوت من التوب، وهو الرجوع فإنه لا يزال يرجع إلى ما يخرج منه، وليس بفاعول لقلة نحو سلس وقلق، ومن قرأه بالهاء فلعله أبدله منه كما أبدل من تاء التأنيث لاشتراكهما في الهمس والزيادة، ويريد به صندوق التوراة وكان من خشب الشمشاد مموها بالذهب نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين.
فيه سكينة من ربكم الضمير للإتيان أي في إتيانه سكون لكم وطمأنينة، أو للتابوت أي مودع فيه
[ ص: 151 ] ما تسكنون إليه وهو التوراة. وكان
موسى عليه الصلاة والسلام إذا قاتل قدمه فتسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون. وقيل صورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت لها رأس وذنب كرأس الهرة وذنبها وجناحان فتئن فيزف التابوت نحو العدو وهم يتبعونه فإذا استقر ثبتوا وسكنوا ونزل النصر. وقيل صورة الأنبياء من
آدم إلى
محمد عليهم الصلاة والسلام. وقيل التابوت هو القلب والسكينة ما فيه من العلم والإخلاص، وإتيانه مصير قلبه مقرا للعلم والوقار بعد أن لم يكن.
وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون رضاض الألواح وعصا
موسى وثيابه وعمامة
هارون، وآلهما أبناؤهما أو أنفسهما. والآل مقحم لتفخيم شأنهما، أو أنبياء بني إسرائيل لأنهم أبناء عمهما.
تحمله الملائكة قيل رفعه الله بعد
موسى فنزلت به الملائكة وهم ينظرون إليه، وقيل كان بعده مع أنبيائهم يستفتحون به حتى أفسدوا فغلبهم الكفار عليه، وكان في أرض
جالوت إلى أن ملك الله
طالوت فأصابهم بلاء حتى هلكت خمس مدائن فتشاءموا بالتابوت فوضعوه على ثورين فساقتهما الملائكة إلى
طالوت. إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين يحتمل أن يكون من تمام كلام النبي عليه السلام وأن يكون ابتداء خطاب من الله سبحانه وتعالى.