ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور
(
ولسليمان الريح ) أي وسخرنا له الريح ، وقرئ «الريح » بالرفع أي
ولسليمان الريح مسخرة وقرئ «الرياح » . (
غدوها شهر ورواحها شهر ) جريها بالغداة مسيرة شهر وبالعشي كذلك ، وقرئ «غدوتها » «وروحتها » . (
وأسلنا له عين القطر ) النحاس المذاب أساله له من معدنه فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ، ولذلك سماه عينا وكان ذلك باليمن . (
ومن الجن من يعمل بين يديه ) عطف على ( الريح ) ( ومن الجن ) حال مقدمة ، أو جملة من مبتدأ وخبر . (
بإذن ربه ) بأمره . (
ومن يزغ منهم ) ومن يعدل منهم (
عن أمرنا ) عما أمرناه من طاعة
سليمان ، وقرئ «يزغ » من أزاغه . (
نذقه من عذاب السعير ) عذاب الآخرة .
(
يعملون له ما يشاء من محاريب ) قصور حصينة ومساكن شريفة سميت بها لأنها يذب عنها ويحارب عليها . (
وتماثيل ) وصورا هي تماثيل للملائكة والأنبياء على ما اعتادوا من العبادات ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم وحرمة التصاوير شرع مجدد .
روي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه ، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما .
(
وجفان ) وصحاف . (
كالجواب ) كالحياض الكبار جمع جابية من الجباية وهي من الصفات الغالبة كالدابة . (
وقدور راسيات ) ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها . (
اعملوا آل داود شكرا ) حكاية عما قيل لهم ( وشكرا ) نصب على العلة أي : اعملوا له واعبدوه شكرا ، أو المصدر لأن العمل له شكرا أو الوصف له أو الحال أو المفعول به . (
وقليل من [ ص: 244 ] عبادي الشكور ) المتوفر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه أكثر أوقاته ومع ذلك لا يوفى حقه ، لأن توفيقه الشكر نعمة تستدعي شكرا آخر لا إلى نهايته ، ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر .