ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ [ ص: 246 ]
(
ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ) أي صدق في ظنه أو صدق بظن ظنه مثل فعلته جهدك ، ويجوز أن يعدى الفعل إليه بنفسه كما في : ( صدق وعده ) . لأنه نوع من القول ، وشدده الكوفيون بمعنى حقق ظنه أو وجده صادقا . وقرئ بنصب إبليس ورفع الظن مع التشديد بمعنى وجده ظنه صادقا ، والتخفيف بمعنى قال له ظنه الصدق حين خيله إغواءهم ، وبرفعهما والتخفيف على الأبدان وذلك إما ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم في الشهوات أو ببني
آدم حين رأى أباهم النبي ضعيف العزم ، أو ما ركب فيهم من الشهوة والغضب ، أو سمع من الملائكة قولهم (
أتجعل فيها من يفسد فيها ) فقال : ( لأضلنهم ) و (
لأغوينهم ) .
(
فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ) إلا فريقا هم المؤمنون لم يتبعوه ، وتقليلهم بالإضافة إلى الكفار ، أو إلا فريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه في العصيان وهم المخلصون .
(
وما كان له عليهم من سلطان ) تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء . (
إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك ) إلا ليتعلق علمنا بذلك تعلقا يترتب عليه الجزاء ، أو ليتميز المؤمن من الشاك ، أو ليؤمن من قدر إيمانه ويشك من قدر ضلاله ، والمراد من حصول العلم حصول متعلقه مبالغة ، وفي نظم الصلتين نكتة لا تخفى . (
وربك على كل شيء حفيظ ) محافظ والزنتان متآخيتان .