قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا أي دائما.
فلم يزدهم دعائي إلا فرارا عن الإيمان والطاعة، وإسناد الزيادة إلى الدعاء على السببية كقوله:
فزادتهم إيمانا.
وإني كلما دعوتهم إلى الإيمان.
لتغفر لهم بسببه.
جعلوا أصابعهم في آذانهم سدوا مسامعهم عن استماع الدعوة.
واستغشوا ثيابهم تغطوا بها لئلا يروني كراهة النظر إلي من فرط كراهة دعوتي أو لئلا أعرفهم فأدعوهم، والتعبير بصيغة الطلب للمبالغة.
وأصروا وأكبوا على الكفر والمعاصي مستعار من أصر الحمار على العانة إذا صر أذنيه وأقبل عليها.
واستكبروا عن اتباعي.
استكبارا عظيما.
ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا أي دعوتهم مرة بعد أخرى وكرة بعد أولى على أي وجه أمكنني، وثم لتفاوت الوجوه فإن الجهار أغلظ من الإسرار والجمع بينهما أغلظ
[ ص: 249 ] من الإفراد لتراخي بعضها عن بعض، وجهارا نصب على المصدر لأنه أحد نوعي الدعاء، أو صفة مصدر محذوف بمعنى دعاء جهارا أي مجاهرا به أو الحال فيكون بمعنى مجاهرا.