[ ص: 350 ] (114) سورة الناس
مختلف فيها، وآيها ست آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس قل أعوذ وقرئ في السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتهما إلى اللام.
برب الناس لما كانت الاستعاذة في السورة المتقدمة من المضار البدنية وهي تعم الإنسان وغيره والاستعاذة في هذه السورة من الأضرار التي تعرض للنفوس البشرية وتخصها، عمم الإضافة ثم وخصصها بالناس ها هنا فكأنه قيل: أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك أمورهم ويستحق عبادتهم.
ملك الناس إله الناس عطفا بيان له فإن الرب قد لا يكون ملكا والملك قد لا يكون إلها، وفي هذا النظم دلالة على أنه حقيق بالإعادة قادر عليها غير ممنوع عنها وإشعار على مراتب الناظر في المعارف فإنه يعلم أولا بما عليه من النعم الظاهرة والباطنة أن له ربا، ثم يتغلغل في النظر حتى يتحقق أنه غني عن الكل وذات كل شيء له ومصارف أمره منه، فهو الملك الحق ثم يستدل به على أنه المستحق للعبادة لا غير، وتدرج وجوه الاستعاذة كما يتدرج في الاستعاذة المعتادة، تنزيلا لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات إشعارا بعظم الآفة المستعاذ منها، وتكرير الناس لما في الإظهار من مزيد البيان، والإشعار بشرف الإنسان.