وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون وأن احكم بينهم بما أنزل الله عطف على الكتاب أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم، أو على الحق أي أنزلناه بالحق وبأن احكم، ويجوز أن يكون جملة بتقدير وأمرنا أن احكم.
ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك أي أن يضلوك ويصرفوك عنه، وأن بصلته بدل من هم بدل الاشتمال أي احذر فتنتهم، أو مفعول له أي احذرهم مخافة أن يفتنوك.
روي
(أن أحبار اليهود قالوا: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه، فقالوا: يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأنا إن اتبعناك اتبعنا اليهود كلهم، إن بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت. فإن تولوا عن الحكم المنزل وأرادوا غيره.
فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم يعني ذنب التولي عن حكم الله سبحانه وتعالى، فعبر عنه بذلك تنبيها على أن لهم ذنوبا كثيرة وهذا مع عظمه واحد منها معدود من جملتها، وفيه دلالة على التعظيم كما في التنكير ونظيره قول
nindex.php?page=showalam&ids=12138لبيد:
أو يرتبط بعض النفوس جمامها
وإن كثيرا من الناس لفاسقون
لمتمردون في الكفر معتدون فيه.