وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا أي بنوا أمر دينهم على التشهي وتدينوا بما لا يعود عليهم بنفع عاجلا وآجلا، كعبادة الأصنام وتحريم البحائر والسوائب، أو اتخذوا دينهم الذي كلفوه لعبا ولهوا حيث سخروا به، أو جعلوا عيدهم الذي جعل ميقات عبادتهم زمان لهو ولعب. والمعنى أعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم، ويجوز أن يكون تهديدا لهم كقوله تعالى:
ذرني ومن خلقت وحيدا ومن جعله منسوخا بآية السيف حمله على الأمر بالكف عنها وترك التعرض لهم
وغرتهم الحياة الدنيا حتى أنكروا البعث.
وذكر به أي بالقرآن.
أن تبسل نفس بما كسبت مخافة أن تسلم إلى الهلاك وترهن بسوء عملها. وأصل الإبسال والبسل المنع ومنه أسد باسل لأن فريسته لا تفلت منه، والباسل الشجاع لامتناعه من قرنه وهذا بسل عليك أي حرام.
ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع يدفع عنها العذاب.
وإن تعدل كل عدل وإن تفد كل فداء والعدل الفدية لأنها تعادل المفدي وها هنا الفداء وكل نصب على المصدرية.
لا يؤخذ منها الفعل مسند إلى منها لا إلى ضميره بخلاف قوله:
ولا يؤخذ منها عدل فإنه المفدى به.
أولئك الذين أبسلوا بما [ ص: 168 ] كسبوا أي سلموا إلى العذاب بسبب أعمالهم القبيحة وعقائدهم الزائغة.
لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون تأكيد وتفصيل لذلك، والمعنى هم بين ماء مغلي يتجرجر في بطونهم ونار تشتعل بأبدانهم بسبب كفرهم.