ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين بالجدوب لقلة الأمطار والمياه ، والسنة غلبت على عام القحط لكثرة ما يذكر عنه ويؤرخ به ، ثم اشتق منها فقيل أسنت القوم إذا قحطوا .
ونقص من الثمرات بكثرة العاهات .
لعلهم يذكرون لكي يتنبهوا على أن ذلك بشؤم كفرهم ومعاصيهم فيتعظوا ، أو ترق قلوبهم بالشدائد فيفزعوا إلى الله ويرغبوا فيما عنده .
فإذا جاءتهم الحسنة من الخصب والسعة .
قالوا لنا هذه لأجلنا ونحن مستحقوها .
وإن تصبهم سيئة جدب وبلاء .
يطيروا بموسى ومن معه يتشاءموا بهم ويقولوا : ما أصابتنا إلا بشؤمهم ، وهذا إغراق في وصفهم بالغباوة والقساوة ، فإن الشدائد ترقق القلوب وتذلل العرائك وتزيل التماسك سيما بعد مشاهدة الآيات ، وهم لم تؤثر فيهم بل زادوا عندها عتوا وانهماكا في الغي ، وإنما عرف الحسنة وذكرها مع أداة التحقيق لكثرة وقوعها ، وتعلق الإرادة بإحداثها بالذات ، ونكر السيئة وأتى بها مع حرف الشك لندورها وعدم القصد لها إلا بالتبع .
ألا إنما طائرهم عند الله أي سبب خيرهم وشرهم عنده وهو حكمه ومشيئته ، أو سبب شؤمهم عند الله وهو أعمالهم المكتوبة عنده ، فإنها التي ساقت إليهم ما يسوؤهم . وقرئ « إنما طيرهم » وهو اسم الجمع وقيل هو جمع .
ولكن أكثرهم لا يعلمون أن ما يصيبهم من الله تعالى أو من شؤم أعمالهم .