وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين
124 -
وإذ أي: واذكر إذ
ابتلى إبراهيم ربه بكلمات اختبره بأوامر ونواه، والاختبار منا: لظهور ما لم نعلم، ومن الله: لإظهار ما قد علم، وعاقبة الابتلاء: ظهور الأمر الخفي في الشاهد والغائب جميعا; فلذا تجوز إضافته إلى الله
[ ص: 127 ] تعالى. وقيل: اختبار الله عبده مجاز عن تمكينه من اختبار أحد الأمرين، كأنه يمتحنه ما يكون منه حتى يجازيه على حسب ذلك. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة -رضي الله عنه-: (إبراهيم ربه) برفع
إبراهيم، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما-، أي: دعاه بكلمات من الدعاء فعل المختبر، هل يجيبه إليهن أم لا؟
فأتمهن أي: قام بهن حق القيام، وأداهن أحسن التأدية من غير تفريط وتوان، ونحوه:
وإبراهيم الذي وفى [النجم: 37]. ومعناه في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة -رحمه الله-: فأعطاه ما طلبه، لم ينقص منه شيئا، والكلمات على هذا ما سأل
إبراهيم ربه في قوله:
رب اجعل هذا بلدا آمنا [البقرة: 126]،
واجعلنا مسلمين لك [البقرة: 128]
وابعث فيهم رسولا منهم [البقرة: 129]،
ربنا تقبل منا [البقرة: 127]. والكلمات على القراءة المشهورة خمس في الرأس: الفرق، وقص الشارب، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق. وخمس في الجسد: الختان، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، والاستنجاء. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما- هي ثلاثون سهما من الشرائع، عشر في براءة
التائبون الآية [التوبة: 112]، وعشر في الأحزاب
إن المسلمين والمسلمات الآية [الأحزاب: 35]، وعشر في المؤمنين والمعارج إلى قوله: " يحافظون " [المؤمنون: 9 والمعارج: 34]. وقيل: هي مناسك الحج،
قال إني جاعلك للناس إماما هو اسم
[ ص: 128 ] من يؤتم به، أي: يأتمون بك في دينهم
قال ومن ذريتي أي: واجعل من ذريتي إماما يقتدى به، ذرية الرجل: أولاده ذكورهم وإناثهم فيه سواء، فعيلة من الذرء، أي: الخلق، فأبدلت الهمزة ياء
قال لا ينال عهدي الظالمين بسكون الياء،
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة وحفص. أي: لا تصيب الإمامة أهل الظلم من ولدك، أي: أهل الكفر، أخبر أن إمامة المسلمين لا تثبت لأهل الكفر، وأن من أولاده المسلمين والكافرين. قال الله تعالى:
وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين [الصافات: 113]. والمحسن: المؤمن، والظالم: الكافر. قالت
المعتزلة: هذا دليل على أن
الفاسق ليس بأهل للإمامة، قالوا: وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة، والإمام إنما هو لكف الظلمة، فإذا نصب من كان ظالما في نفسه، فقد جاء المثل السائر: "من استرعى الذئب ظلم". ولكنا نقول: المراد بالظالم: الكافر هنا، إذ هو الظالم المطلق. وقيل: إنه سأل أن يكون ولده نبيا كما كان هو، فأخبر أن الظالم لا يكون نبيا.