لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا
27 -
لقد صدق الله رسوله الرؤيا ؛ أي: صدقه في رؤياه؛ ولم يكذبه؛ (تعالى) الله عن الكذب؛ فحذف الجار؛ وأوصل الفعل؛ كقوله:
صدقوا ما عاهدوا الله عليه ؛ روي
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين؛ وقد حلقوا؛ وقصروا؛ فقص الرؤيا على أصحابه؛ ففرحوا؛ وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم؛ وقالوا: إن رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق؛ فلما تأخر ذلك قال عبد الله بن أبي؛ وغيره: والله ما حلقنا؛ ولا قصرنا؛ ولا رأينا المسجد الحرام؛ فنزلت؛ بالحق ؛ متعلق بـ "صدق"؛ أي: "صدقه فيما رأى؛ وفي كونه وحصوله صدقا ملتبسا بالحق"؛ أي: بالحكمة البالغة؛ وذلك ما فيه من الابتلاء والتمييز بين المؤمن الخالص؛ وبين من في قلبه مرض؛ ويجوز أن يكون "بالحق"؛ قسما؛ إما "بالحق"؛ الذي هو نقيض الباطل؛ أو "بالحق"؛ الذي هو من أسمائه؛ وجوابه:
لتدخلن المسجد الحرام ؛ وعلى الأول هو جواب قسم محذوف؛
إن شاء الله ؛ حكاية من الله (تعالى) قول رسوله لأصحابه؛ وقصهم عليه؛ أو تعليم لعباده أن يقولوا في عداتهم مثل ذلك؛ متأدبين بأدب الله؛ ومقتدين بسنته؛
آمنين ؛ حال؛ والشرط معترض؛
محلقين ؛ حال من الضمير في "آمنين"؛
رءوسكم ؛ أي: جميع شعورها؛
ومقصرين ؛ بعض شعورها؛
لا تخافون ؛ حال مؤكدة؛
فعلم ما لم تعلموا ؛ من الحكمة في تأخير فتح
مكة إلى العام القابل؛
[ ص: 344 ] فجعل من دون ذلك ؛ أي: من دون فتح
مكة؛ فتحا قريبا ؛ وهو فتح
خيبر؛ ليستروح إليه قلوب المؤمنين؛ إلى أن يتيسر الفتح الموعود .