يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون
2 -
يا أيها الذين آمنوا ؛ إعادة النداء عليهم استدعاء منهم لتجديد الاستبصار عند كل خطاب وارد؛ وتحريك منهم؛ لئلا يغفلوا عن تأملهم؛
لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ؛ أي: إذا نطق ونطقتم؛ فعليكم ألا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذي يبلغه بصوته؛ وأن تغضوا منها؛ بحيث يكون كلامه عاليا لكلامكم؛ وجهره باهرا لجهركم؛ حتى تكون مزيته عليكم لائحة؛ وسابقته لديكم واضحة؛
ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ؛ أي: إذا كلمتموه؛ وهو صامت؛ فإياكم والعدول عما نهيتم عنه؛ من رفع الصوت؛ بل عليكم ألا تبلغوا به الجهر الدائر بينكم؛ وأن تتعمدوا في مخاطبته القول اللين؛ المقرب من الهمس؛ الذي يضاد الجهر؛ أو لا تقولوا له: يا
محمد؛ يا
أحمد؛ وخاطبوه بالنبوة؛ والسكينة؛ والتعظيم؛ ولما نزلت هذه الآية ما كلم النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر؛ nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر؛ إلا كأخي السرار؛ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أنها نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن [ ص: 348 ] شماس؛ وكان في أذنه وقر؛ وكان جهوري الصوت؛ وكان إذا كلم رفع صوته؛ وربما كان يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيتأذى بصوته؛ وكاف التشبيه في محل النصب؛ أي: لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض؛ وفي هذا أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقا؛ حتى لا يسوغ لهم إلا أن يكلموه بالمخافتة؛ وإنما نهوا عن جهر مخصوص؛ أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منه فيما بينهم؛ وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة؛ وجلالة مقدارها؛
أن تحبط أعمالكم ؛ منصوب الموضع؛ على أنه مفعول له؛ متعلق بمعنى النهي؛ والمعنى: "انتهوا عما نهيتم عنه لحبوط أعمالكم"؛ أي: لخشية حبوطها؛ على تقدير حذف المضاف؛
وأنتم لا تشعرون