كلا بل لا تكرمون اليتيم
17 -
كلا ؛ أي: ليس الإكرام والإهانة في كثرة المال؛ وقلته؛ بل الإكرام في توفيق الطاعة؛ والإهانة في الخذلان؛ وقوله (تعالى): "فيقول"؛ خبر المبتدإ؛ الذي هو "الإنسان"؛ ودخول الفاء؛ لما في "أما"؛ من معنى الشرط؛ والظرف المتوسط بين المبتدإ والخبر؛ في تقدير التأخير؛ كأنه قيل: "فأما الإنسان فقائل ربي أكرمني وقت الابتلاء"؛ وكذا "فيقول"؛ الثاني؛ خبر لمبتدإ تقديره: "وأما هو إذا ما ابتلاه ربه"؛ وسمى كلا الأمرين - من بسط الرزق؛ وتقديره - ابتلاء؛ لأن كل واحد منهما اختبار للعبد؛ فإذا بسط له فقد اختبر حاله؛ أيشكر أم يكفر؛ وإذا قدر عليه فقد اختبر حاله أيصبر أم يجزع؛ ونحوه قوله (تعالى):
ونبلوكم بالشر والخير فتنة ؛ وإنما أنكر قوله: "ربي أكرمن"؛ مع أنه أثبته بقوله: "فأكرمه"؛ لأنه قاله على قصد خلاف
[ ص: 641 ] ما صححه الله عليه؛ وأثبته؛ وهو قصده أن الله أعطاه ما أعطاه إكراما له؛ لاستحقاقه؛ كقوله:
إنما أوتيته على علم عندي ؛ وإنما أعطاه الله (تعالى) ابتلاء من غير استحقاق منه؛
بل لا تكرمون اليتيم