وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا
157 -
وقولهم إنا قتلنا المسيح سمي مسيحا; لأن
جبريل عليه السلام مسحه بالبركة، فهو ممسوح، أو لأنه كان يمسح المريض، والأكمه، والأبرص فيبرأ، فسمي مسيحا بمعنى الماسح
عيسى ابن مريم رسول الله هم لم يعتقدوه رسول الله، لكنهم قالوا استهزاء كقول الكفار لرسولنا:
يا أيها الذي نـزل عليه الذكر إنك لمجنون ويحتمل أن الله وصفه به وإن لم يقولوا ذلك
وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم روي أن رهطا من اليهود سبوه، وسبوا أمه، فدعا عليهم: اللهم أنت ربي، وبكلمتك خلقتني، اللهم العن من سبني وسب والدتي. فمسخ الله من سبهما قردة وخنازير، فاجتمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء، ويطهره من صحبة اليهود، فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل، ويصلب، ويدخل الجنة؟ فقال رجل منهم: أنا، فألقى الله عليه شبهه، فقتل، وصلب. وقيل: كان رجل ينافق
عيسى، فلما أرادوا قتله قال: أنا أدلكم عليه، فدخل بيت
عيسى، ورفع
عيسى، وألقى الله شبهه على المنافق، فدخلوا عليه، فقتلوه، وهم يظنون أنه
عيسى، وجاز هذا على قوم متعنتين حكم الله بأنهم لا يؤمنون. و "شبه" مسند إلى الجار والمجرور وهو "لهم" كقولك: خيل إليه، كأنه قيل: ولكن وقع
[ ص: 414 ] لهم التشبيه. أو مسند إلى ضمير المقتول لدلالة:
إنا قتلنا عليه، كأنه قيل:
ولكن شبه لهم من قتلوه
وإن الذين اختلفوا فيه في
عيسى، يعني: اليهود، قالوا: إن الوجه وجه
عيسى، والبدن بدن صاحبنا، أو اختلف النصارى قالوا: إله، وابن إله، وثالث ثلاثة.
لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن استثناء منقطع; لأن اتباع الظن ليس من جنس العلم، يعني: ولكنهم يتبعون الظن، وإنما وصفوا بالشك، وهو ألا يترجح أحد الجانبين، ثم وصفوا بالظن، وهو أن يترجح أحدهما; لأن المراد: أنهم شاكون ما لهم به من علم، ولكن إن لاحت لهم أمارة، فظنوا فذاك. وقيل:
وإن الذين اختلفوا فيه أي: في قتله
لفي شك منه أي: من قتله; لأنهم كانوا يقولون: إن كان هذا
عيسى، فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا، فأين
عيسى؟ وما قتلوه يقينا أي: قتلا يقينا، أو ما قتلوه متيقنين، أو ما قتلوه حقا، فيجعل يقينا تأكيدا لقوله:
وما قتلوه أي: حق انتفاء قتله حقا.