صفحة جزء
فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين

13 - فبما نقضهم ميثاقهم "ما" مزيدة لإفادة تفخيم الأمر، لعناهم طردناهم، وأخرجناهم من رحمتنا، أو مسخناهم، أو ضربنا عليهم الجزية. وجعلنا قلوبهم قاسية يابسة لا رحمة فيها، ولا لين. (قسية) حمزة، وعلي، أي: رديئة من قولهم: درهم قسي، أي: رديء. يحرفون الكلم عن مواضعه يفسرونه على غير ما أنزل، وهو بيان لقسوة قلوبهم; لأنه لا قسوة أشد من الافتراء على الله، وتغيير وحيه ونسوا حظا وتركوا نصيبا جزيلا، وقسطا وافيا. مما ذكروا به من التوراة، يعني: إن تركهم وإعراضهم عن التوراة إغفال حظ عظيم، أو قست قلوبهم، وفسدت، فحرفوا التوراة، وزلت أشياء منها عن حفظهم. عن ابن مسعود رضي الله [ ص: 435 ] عنه: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية، وتلا هذه الآية. وقيل: أو تركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبيان نعته ولا تزال يا محمد تطلع على خائنة منهم أي: هذه عادتهم، وكان عليها أسلافهم، كانوا يخونون الرسل، وهؤلاء يخونونك، ويهمون بالفتك بك. وقوله: على خائنة أي: على خيانة، أو على فعلة ذات خيانة، أو على نفس، أو فرقة خائنة. ويقال: رجل خائنة، كقولهم: رجل راوية للشعر، للمبالغة. إلا قليلا منهم وهم الذين آمنوا منهم فاعف عنهم بعث على مخالفتهم، أو فاعف عن مؤمنيهم، ولا تؤاخذهم بما سلف منهم واصفح إن الله يحب المحسنين

التالي السابق


الخدمات العلمية