ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون
87 -
ولقد آتينا موسى الكتاب التوراة، آتاه جملة،
وقفينا من بعده بالرسل يقال: قفاه: إذا اتبعه من القفا، نحو: ذنبه من الذنب، وقفاه به: إذا أتبعه إياه يعني: وأرسلنا على أثره الكثير من الرسل. وهم
يوشع، وشمويل، وشمعون، وداود، وسليمان، وشعياء، وأرمياء، وعزير، وحزقيل، وإلياس، واليسع، ويونس، وزكريا، ويحيى، وغيرهم.
وآتينا عيسى ابن مريم البينات هي بمعنى: الخادم، ووزن مريم عند النحويين مفعل; لأن فعيلا لم يثبت في الأبنية. البينات: المعجزات الواضحات كإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، والإخبار بالمغيبات،
وأيدناه بروح القدس أي: الطهارة، وبالسكون حيث كان: مكي، أي: بالروح المقدسة، كما
[ ص: 108 ] يقال:
حاتم الجود. ووصفها بالقدس للاختصاص والتقريب، أو
بجبريل -عليه السلام-; لأنه يأتي بما فيه حياة القلوب، وذلك لأنه رفعه إلى السماء حين قصد اليهود قتله، أو بالإنجيل كما قال في القرآن:
روحا من أمرنا [الشورى: 52]، أو باسم الله الأعظم الذي كان يحيي الموتى بذكره
أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى تحب
أنفسكم استكبرتم تعظمتم عن قبوله
ففريقا كذبتم كعيسى، ومحمد عليهما الصلاة والسلام
وفريقا تقتلون كزكريا ويحيى عليهما السلام. ولم يقل: قتلتم لوفاق الفواصل، أو لأن المراد: وفريقا تقتلونه بعد; لأنكم تحومون حول قتل
محمد صلى الله عليه وسلم لولا أني أعصمه منكم، ولذلك سحرتموه، وسممتم له الشاة، والمعنى: ولقد آتينا يا بني إسرائيل أنبياءكم ما آتيناهم، فكلما جاءكم رسول منهم بالحق استكبرتم عن الإيمان به، فوسط بين الفاء وما تعلقت به همزة التوبيخ، والتعجب من شأنهم.