قوله عز وجل:
أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين قال رب انصرني بما كذبون
قوله تعالى: "أيعدكم" استفهام بمعنى التوقيف، على جهة الاستبعاد، وبمعنى الهزء بهذا الوعد، و"أنكم" الثانية بدل من الأولى عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وفيها معنى تأكيد الأول، وكررت لطول الكلام، وإن كان
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد أبى عبارة البدل لكونه من غير مستقل إذ لم يذكر خبر "أن" الأولى، والخبر عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه محذوف وتقديره: "أنكم تبعثون إذا متم". وهذا المقدر هو العامل في "إذا"، وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "أيعدكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون" بحذف "أنكم" الأولى، ويعنون بالإخراج النشور من القبور.
وقولهم:
هيهات هيهات استبعاد، وهذه كلمة لها معنى الفعل، التقدير: بعد كذا، فطورا يليها الفاعل دون لام، تقول: هيهات مجيء زيد، أي: بعد ذلك، ومنه قول
جرير :
فهيهات هيهات العقيق ومن به وهيهات خل بالعقيق نواصله
وأحيانا يكون الفاعل محذوفا، وذلك عند اللام كهذه الآية، والتقدير: بعد الوجود
[ ص: 294 ] لما توعدون، ومن حيث كانت هذه اللفظة بمعنى الفعل أشبهت الحروف مثل "مه" وغيرها، فلذلك بنيت على الفتح، وهذه قراءة الجماعة بفتح التاء، وهي مفرد سمي به الفعل في الخبر، أي: بعد، كما أن "شتان" اسم "افترق"، وعرف تسمية الفعل أن يكون في الأمر كصه وهس.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر : "هيهات هيهات" بكسر التاء غير منونة. وقرأها
nindex.php?page=showalam&ids=16748عيسى بن عمر ،
وأبو حيوة -بخلاف عنه- "هيهات هيهات" منونة، وهي على هاتين القراءتين عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه جمع "هيهات"، وكان حقها أن تكون "هيهات" إلا أن ضعفها لم يقتض إظهار الياء، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه رحمه الله: هي مثل "بيضات"، أراد: "في أنها جمع"، وظن بعض النحاة أنه أراد: "في اتفاق المفرد" فقال: واحد "هيهات": "هيهه"، وليس كما قال، وتنوين
عيسى على إرادة التنكير، وترك
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر التنوين على إرادة التعريف. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16747عيسى الهمداني : "هيهات هيهات" بتاء ساكنة، وهي -على هذا- جماعة لا مفرد، وقرأها كذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو ، وقرأ
أبو حيوة : "هيهات" بتاء مرفوعة منونة، وهذا على أنه اسم معرب مستقل وخبره
لما توعدون ، أي: البعد لوعدكم، كما تقول: النجم لسعيكم، وروي عن
أبي حيوة "هيهات" بالرفع دون تنوين، وقرأ
خالد بن إلياس : "هيهاتا هيهاتا" بالنصب والتنوين. والوقف على "هيهات" من حيث هي مبنية بالهاء، ومن قرأ بكسر التاء وقف بالتاء، وفي اللفظة لغات: هيها، وهيهات،
[ ص: 295 ] وهيهان، وأيهات، وهيهات، وهيهات، وهيهاه، "قال
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة :
هيهاه من منخرق هيهاؤه
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : "هيهات هيهات ما توعدون" بغير لام.
وقولهم:
إن هي إلا حياتنا الدنيا أرادوا أنه لا وجود لنا غير هذا الوجود، وإنما تموت منا طائفة فتذهب وتجيء طائفة جديدة، وهذا كفر
الدهرية . و"بمؤمنين" معناه: بمصدقين، ثم دعا عليهم نبيهم وطلب عقوبتهم على تكذيبهم.