قوله عز وجل:
إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون
قرأ
هارون : "أنه كان" بفتح الألف، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رضي الله عنه، وروي أن في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب "أن كان"، وهذا كله متعاضد، وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه: "ولا تكلمون كان فريق" بغير "إنه"، وهذه تعضد كسر الألف من "إنه" لأنها استئناف، وهذه الهاء مبهمة ضمير الأمر، والكوفيون يسمونها المجهولة، وهي عبارة فاسدة. وهذه الآية كلها مما يقال للكفرة على جهة التوبيخ.
والفريق المشار إليه كل مستضعف من المؤمنين يتفق أن يكون حاله مع كفار في مثل هذه الحال، ونزلت الآية في كفار
قريش مع
nindex.php?page=showalam&ids=52صهيب وعمار nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال رضي الله عنهم ونظرائهم، ثم هي عامة فيمن جرى مجراهم قديما وبقية الدهر.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : "سخريا" بضم السين، وقرأ الباقون: "سخريا" بكسرها، فقالت طائفة هما بمعنى واحد، وذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12020أبو زيد الأنصاري : إنهما بمعنى الهزء، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة وغيره: إن ضم السين من السخرة والتخديم، وكسر السين من السخر وهو الاستهزاء، ومنه قول
الأعشى :
إني أتاني حديث لا أسر به من علو لا كذب فيه ولا سخر
[ ص: 325 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي : قراءة كسر السين أوجه لأنه بمعنى الاستهزاء والكسر فيه أكثر، وهو أليق بالآية، ألا ترى إلى قوله تعالى:
وكنتم منهم تضحكون ؟
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
ألا ترى إلى إجماع القراء على ضم السين في قوله تعالى:
ليتخذ بعضهم بعضا سخريا لما تخلص الأمر للتخديم، قال
يونس : إذا أريد التخديم فهو بضم السين لا غير، وإذا أريد الهزء فهو بالضم والكسر. وقرأ أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وابن أبي إسحاق كل ما في القرآن بضم السين، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو كل ما في القرآن بالكسر إلا التي في الزخرف فإنهما ضما السين كما فعل الناس لأنها من التخديم، وأضاف الإنسان إلى الفريق من حيث كان بسببهم، والمعنى أن اشتغالهم بالهزء بهؤلاء أنساهم ما ينفعهم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر : "أنهم هم الفائزون" بفتح الألف، فـ "جزيتهم" عامل في "أن"، ويجوز أن يعمل في مفعول محذوف، ويكون التقدير: لأنهم. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وخارجة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع : "إنهم هم الفائزون" بكسر الألف، فالمفعول الثاني لـ "جزيت" مقدر، تقديره: الجنة أو الرضوان. و "الفائزون": المنتهون إلى غايتهم التي كانت أملهم. ومعنى الفوز: النجاة من هلكة إلى نعمة.