قوله عز وجل:
ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين
اللام في "ليجزي" متعلقة بـ"يصدعون"، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف تقديره: ذلك، أو: فعل ذلك ليجزي، وتكون الإشارة إلى ما تقرر من قوله:
من كفر ومن عمل صالحا . وقوله تعالى:
لا يحب الكافرين ليس الحب بمعنى الإرادة، ولكنه بمعنى: لا يظهر عليهم أمارات رحمته، ولا يرضاه لهم دينا، ونحو هذا.
ثم ذكر تعالى من آياته أشياء تقتضي كل عقل بأنه لا مشاركة للأوثان فيها، وهي ما في الريح من المنافع، وذلك أنها بشرى بالمطر، ويذيق الله بها الرحمة، يعني الغيث والخصب، ويلقح بها الشجر وغير ذلك، ويجري بها السفن في البحر، ويبتغي الناس بها فضل الله تعالى في التجارات في البحر، وفي ذرو الأطعمة وغير ذلك.
ثم آنس
محمدا صلى الله عليه وسلم بأن ضرب له مثل من أرسل من الأنبياء، ثم وعد تعالى
محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته النصر; إذ أخبر أنه جعله حقا عليه تبارك وتعالى، و"حقا" خبر "كان" قدمه اهتماما، لأنه موضع فائدة الجملة، وبعض القراء في هذه الآية وقف على
[ ص: 33 ] قوله: "حقا"، وجعله من الكلام المتقدم، ثم استأنف جملة من قوله:
علينا نصر المؤمنين ، وهذا قول ضعيف; لأنه لم يدر قدر ما عرضه في نظم الآية.