قوله عز وجل:
ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد .
ظاهر اللفظ في قوله: "من بعدهم"، يعطي أنه أراد القوم الذين جاؤوا من بعد جميع الرسل، وليس كذلك المعنى بل المراد ما اقتتل الناس بعد كل نبي، فلف الكلام لفا، يفهمه السامع وهذا كما تقول:
اشتريت خيلا ثم بعتها، فجائزة لك هذه العبارة، وأنت إنما اشتريت فرسا ثم بعته، ثم آخر وبعته، ثم آخر وبعته، وكذلك هذه النوازل إنما اختلف الناس بعد كل نبي. فمنهم من آمن، ومنهم من كفر بغيا وحسدا على حطام الدنيا، وذلك كله بقضاء وقدر، وإرادة من الله تعالى. ولو شاء خلاف ذلك لكان ولكنه
[ ص: 21 ] المستأثر بسر الحكمة في ذلك، الفعال لما يريد، فاقتتلوا بأن قاتل المؤمنون الكافرين على مر الدهر، وذلك هو دفع الله الناس بعضهم ببعض.