قوله عز وجل:
أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما [ ص: 621 ] يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون
قوله تعالى: "أولئك" دليل على أن الإشارة بالإنسان في قوله تعالى:
ووصينا الإنسان بوالديه إلى الجنس، وقرأ جمهور القراء: "يتقبل" بالياء مضمومة على بناء الفعل للمفعول، وكذلك "يتجاوز"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم فيهما بالنون التي للعظمة، "أحسن" بالنصب، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش بخلاف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: "يتقبل" بياء مفتوحة، "ويتجاوز" كذلك، أي: الله تعالى. وقوله تعالى:
في أصحاب الجنة يريد: الذين سبقت لهم رحمة الله تعالى، وقوله:
وعد الصدق نصب على المصدر المؤكد لما قبله.
وقوله تعالى:
والذي قال لوالديه أف لكما الآية، "الذي" يعنى به الجنس على حد العموم الذي في الآية التي قبلها في قوله تعالى:
ووصينا الإنسان بوالديه ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وجماعة، ويشبه أن لها سببا من رجل قال ذلك لأبويه، فلما فرغ من ذكر ذلك الموفق عقب بذكر هذا العاق. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : نزلت في هذه الآية في ابن لأبي بكر ، ولم يسمه. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم : نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=72عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، وذلك أنه كان أكبر أولاد
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر وشهد
بدرا وأحدا مع الكفار، وقال لأبيه في الحرب:
لم يبق إلا شكة ويعبوب ... وصارم يقتل ضلال الشيب
ودعاه للمبارزة، فكان
بمكة على نحو هذه الخلق، فقيل إنها نزلت فيه. وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم خطب وهو أمير
المدينة فدعا الناس إلى بيعة
يزيد، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=72عبد الرحمن بن أبي بكر : جعلتموها هرقلية، كلما مات
هرقل ولي
هرقل، وكلما مات
[ ص: 622 ] قيصر ولي
قيصر، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان : خذوه، فدخل
عبد الرحمن بيت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان : إن هذا هو الذي قال الله تعالى فيه:
والذي قال لوالديه أف لكما ، فسمعته
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها ، فأنكرت ذلك عليه، وسبت
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان ، وقالت: والله ما نزل في آل أبي بكر من القرآن غير براءتي، وإني لأعرف فيمن نزلت هذه الآية. وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أن الذي خطب هو
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنه، وذلك وهم، والأصوب أن تكون عامة في أهل هذه الصفات ولم يقصد بها
عبد الرحمن ولا غيره من المؤمنين، والدليل القاطع على ذلك قوله تعالى:
أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم وكان
عبد الرحمن رضي الله عنه من أفضل الصحابة، ومن الأبطال، وممن له في الإسلام غناء، ويكفيه مقامه مع
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان يوم اليمامة وغيره.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة بن مصرف : "أف" بكسر الفاء بغير تنوين، وذلك فيها علامة تعريف. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
وابن محيصن، وشبل، nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد : "أف" بالفتح، وهي لغة، الكسر والفتح، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
وشيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : "أف" بالكسر والتنوين، وذلك علامة تنكير، وهي كصه، وكما تستطعم رجلا حديثا غير معين فتقول: "إيه" منونة، فإن كان حديثا مشارا إليه قلت: "إيه" بغير تنوين، و"أف": أصلها في الأقذار، وكانت العرب إذا رأت قذرا قالت: "أف"، ثم صيره الاستعمال يقال في كل ما يكره من الأقوال و الأفعال.
وقرأ
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو فيما روي عنه-: "أتعداني" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
وشيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ، وجمهور القراء:
"أتعدانني" بنونين، والقراءة الأولى هي بإدغام النون في النون، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع أيضا:
[ ص: 623 ] "أتعداني" بنون واحدة وإظهار الياء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وشيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=17340وابن وثاب ، وجمهور الناس: "أن أخرج" بضم الهمزة وفتح الراء. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=16258وابن مصرف ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك : "أن أخرج" بفتح الهمزة وضم الراء. والمعنى: أن أخرج من القبر للحشر والمعاد، وهذا القول منه استفهام بمعنى الهزء والاستبعاد، وقوله تعالى:
وقد خلت القرون من قبلي معناه: هلكت ومضت ولم يخرج منهم أحد، وقوله:
وهما يستغيثان الله يعني: الوالدين، ويقال: استغثت الله واستغثت بالله بمعنى واحد. و
"ويلك" دعاء لمن يحقر ويحرك لأمر ما يستعجل إليه.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج : "أن وعد الله حق" بفتح الهمزة، والناس على كسرها، وقوله:
ما هذا إلا أساطير الأولين أي: ما هذا القول الذي يتضمن
البعث من القبور إلا شيء قد سطره الأولون في كتبهم، يعني: الشرائع، وظاهر ألفاظ هذه الآية أنها نزلت في مشار إليه قال وقيل له، فنعى الله تعالى أقواله تحذيرا من الوقوع في مثلها.
قوله تعالى:
أولئك الذين حق ، ظاهر أنها إشارة إلى جنس يتضمنه قوله تعالى:
"والذي قال"، ويحتمل -إن كانت الآية في مشار إليه- أن يكون قوله تعالى: "أولئك" بمعنى: صنف هذا المذكور وجنسه هم الذين حق عليهم القول، أي: قول الله تعالى ، وقوله تعالى:
قد خلت من قبلهم من الجن والإنس يقتضي أن الجن يموتون كما يموت البشر قرنا بعد قرن، وقد جاء حديث يقتضي ذلك. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن في بعض مجالسه: "الجن لا تموت"، فاعترضه
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة بهذه الآية فسكت.
وقوله تعالى:
ولكل درجات يعني المحسنين والمسيئين. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : درجات المحسنين تذهب علوا، ودرجات المسيئين تذهب سفلا، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبو عبد الرحمن : "ولتوفيهم" بالتاء من فوق، أي الدرجات. وقرأ جمهور الناس:
"وليوفيهم" بالياء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع -بخلاف عنه-
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
وشيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : "ولنوفيهم" بالنون، وقرأ اللؤلؤي في حرف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله عنهما: "ولنوفينهم" بنون أولى ونون ثانية مشددة وبفتح اللام، وكل امرئ يجني ثمرة عمله من خير أو شر ولا يظلم في مجازاته، بل يوضع كل أمر موضعه من ثواب أو عقاب.