قوله عز وجل:
قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى
"أفلح" في هذه الآية معناه: فاز ببغيته، و"تزكى" معناه: طهر نفسه ونماها بالخير، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: "من قال لا إله إلا الله تطهر من الشرك"، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: من كان عمله زاكيا، وقال
أبو الأحوص : من رضخ من ماله وزكاه.
وقوله تعالى:
وذكر اسم ربه معناه: وحده وصلى له الصلوات التي فرضت عليه، وتنفل أيضا بما أمكنه من صلاة وبر، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب : هذه الآية في صبيحة يوم الفطر فـ "تزكى" هو أدى زكاة الفطر،
وذكر اسم ربه هو ذكر الله تعالى في طريق المصلى إلى أن يخرج الإمام، و"الصلاة" هي
[ ص: 594 ] صلاة العيد، وقد روي هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وكثير من المتأولين: "تزكى" أدى زكاة ماله، و"صلى" معناه: صلى الخمس.
ثم أخبر تعالى الناس أنهم يؤثرون الحياة الدنيا، فالكافر يؤثرها إيثار كفر يرى أن لا آخرة، والمؤمن يؤثرها إيثار معصية وغلبة نفس إلا من عصم الله تعالى. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو وحده "يؤثرون" بالياء، وقال: يعني الأشقين، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبي رجاء ،
والجحدري، وقرأ الباقون والناس: "تؤثرون" بالتاء على المخاطبة، وفي حرف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب "بل أنتم تؤثرون"، وسبب الإيثار حب العاجل، والجهل ببقاء الآخرة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه: ما في الدنيا في الآخرة إلا كنفخة أرنب. وقوله تعالى: "إن هذا" قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : أراد القرآن، وروي أن القرآن انتسخ من الصحف الأولى، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الإشارة إلى معاني السورة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : الإشارة إلى هذين الخبرين: إفلاح من تزكى، وإيثار الناس للدنيا مع فضل الآخرة عليها. وهذا هو الأرجح لقرب المشار إليه بـ "هذا".
وقوله تعالى:
لفي الصحف الأولى أي لم ينسخ هذا قط في شرع من الشرائع، فهو في الأولى وفي الأخيرات، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=908950 "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت" أي: أنه مما جاءت به الأولى واستمر في الغير.
وقرأ الجمهور "الصحف" مضمومة الحاء، وروى
هارون عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو سكون الحاء، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء : "إبرهم" بغير ياء ولا ألف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير : "ابراهام"، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري في كل القرآن، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=72عبد الرحمن بن أبي بكر : "إبراهم" بكسر الهاء وبغير ياء في جميع القرآن.
وروي أن صحف
إبراهيم عليه السلام نزلت في أول ليلة من رمضان، والتوراة في
[ ص: 595 ] السادسة من رمضان والزبور في اثني عشرة منه، والإنجيل في ثمان عشرة منه، والقرآن في أربع عشرة منه.
كمل تفسير سورة [الأعلى] والحمد لله رب العالمين