[ ص: 687 ] بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الهمزة
وهي مكية بلا خلاف.
قوله عز وجل:
ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة
"ويل" لفظ يجمع الشر والخزي، وقيل: وقيل واد في جهنم، و"الهمزة": الذي يهمز الناس بلسانه، أي يعيبهم ويغتابهم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: هو المشاء بالنميم.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس به لكنهما صفتان بتلازم، قال تعالى:
هماز مشاء بنميم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : "الهمزة": الذي يأكل لحوم الناس، وقيل لأعرابي: أتهمز إسرائيل؟ قال: إني إذا لرجل سوء، حسب أنه يقال له: أتقع في سبه؟ و"اللمزة" قريب من المعنى في "الهمزة"، قال الله تعالى:
ولا تلمزوا أنفسكم ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : "ويل للهمزة اللمزة". وهذا البناء الذي هو "فعلة" يقتضي المبالغة في معناه، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : الهمز بالحضور واللمز بالمغيب، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل ضد هذا، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح : الهمز باليد والعين، واللمز باللسان، قال تعالى:
ومنهم من يلمزك في الصدقات .
[ ص: 688 ] وقيل: نزلت هذه الآية في
الأخنس بن شريق، وقيل: في
جميل بن عامر الجمحي، ثم هي تتناول كل من اتصف بهذه الصفات.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : "جمع" بشدة الميم، والباقون بالتخفيف، وقوله تعالى: "وعدده" معناه: أحصاه وحافظ على عدده ألا ينتقص، فمنعه من الخيرات ونفقة البر، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل : المعنى استعده وادخره. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: "وعدده" بتخفيف الدالين، فقيل: المعنى: جمع مالا وعددا من عشرة، وقيل: أراد "عددا" مشددا فحل التضعيف. وهذا قلق.
وقوله:
يحسب أن ماله أخلده معناه: يحسب أن ماله هو معنى حياته وقوامها، وأنه حفظه مدة عمره ويحفظه، ثم رد تعالى على هذه المحسبة، وأخبر إخبارا مؤكدا أنه ينبذ في الحطمة، أي التي تحطم ما فيها وتلتهمه. وقرأ: "يحسب"- بفتح السين-،
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
وشيبة ، وقرأ
ابن محيصن، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن -بخلاف عنه-: "لينبذان" بنون مكسورة مشددة قبلها ألف، يعني: هو وماله، وروي عنه ضم الذال على نبذ جماعة، هو وماله وعدده، أو يريد جماعة الهمزات.
ثم عظم الله تعالى شأنها، وأخبر أنها نار الله الموقدة التي يبلغ إحراقها القلوب ولا يخمد، و"الفؤاد" القلب، ويحتمل أن يكون المعنى: أنها لا يتجاوزها أحد حتى تأخذه بواجب عقيدة قلبه ونيته، فكأنها متطلعة على القلوب باطلاع الله تعالى إياها، ثم أخبر تعالى أنها موصدة، ومعناه: مطبقة أو مغلقة، قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أبواب النار بعضها فوق بعض. وقوله تعالى: "في عمد" جمع "عمود" مثل أديم وأدم، وهي عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أسماء جمع لا جموع جارية على الفعل. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "موصدة بعمد ممددة"، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : المعنى: في عمد حديد مغلولين لها، والكل من نار، وقال
أبو صالح : هذه النار هي في قبورهم. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم -في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر -
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : "عمد" بضم العين والميم، وقرأ الباقون
وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بفتحهما. وقرأ الجمهور: "ممددة" بالخفض، على نعت "العمد"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : "ممددة" بالرفع على اتباع "مؤصدة".
كمل تفسير سورة [الهمزة] والحمد لله رب العالمين.