قوله - عز وجل -:
وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين
قولهم: "وما لنا"؛ توقيف لأنفسهم؛ أو محاجة لمن عارضهم من الكفار؛ بأن قال لهم: آمنتم وعجلتم؛ فقالوا: وأي شيء يصدنا عن الإيمان وقد لاح الصواب؛ وجاء الحق المنير؟
"وما لنا": ابتداء وخبر؛ و"لا نؤمن"؛ في موضع الحال؛ ولكنها حال هي المقصد؛ وفيها الفائدة؛ كما تقول: "جاء زيد راكبا"؛ وأنت قد سئلت: "هل جاء ماشيا؛ أو راكبا؟".
وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "وما لنا لا نؤمن بالله وما أنزل إلينا ربنا".
"ونطمع"؛ تقديره: "ونحن نطمع"؛ فالواو عاطفة جملة على جملة؛ لا عاطفة فعل على فعل؛ والقوم الصالحون:
محمد وأصحابه؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد وغيره من المفسرين.
ثم ذكر الله تعالى ما أثابهم به من النعيم؛ على إيمانهم؛ وإحسانهم؛ ثم ذكر حال الكافرين المكذبين؛ وأنهم قرناء الجحيم؛ والمعنى قد علم من غير ما آية من كتاب الله أنه اقتران لازم؛ دائم؛ أبدي.
[ ص: 237 ] وقوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ؛ الآية؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=12139أبو مالك ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ؛ وأبو قلابة؛
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ؛
nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -؛ وغيرهم: "إنها نزلت بسبب جماعة من أصحاب النبي - صلى اللـه عليه وسلم -؛ بلغت منهم المواعظ وخوف الله إلى أن حرم بعضهم النساء؛ وبعضهم النوم بالليل؛ والطيب؛ وهم بعضهم بالاختصاء؛ وكان منهم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ؛
وعثمان بن مظعون "؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ؛
والمقداد ؛
وسالم؛ مولى أبي حذيفة ؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : رفضوا النساء؛ واللحم؛ وأرادوا أن يتخذوا الصوامع؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما -: أخذوا الشفار ليقطعوا مذاكرهم؛ وطول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قصة
الحولاء امرأة
nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون ؛ مع أزواج النبي - صلى اللـه عليه وسلم - وإخبارها بأنه لم يلم بها؛ فلما أعلم رسول الله - صلى اللـه عليه وسلم - بحالهم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654675 "أما أنا فأقوم؛ وأنام؛ وأصوم؛ وأفطر؛ وآتي النساء؛ وأنال الطيب؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني". قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وكان فيما يتلى: "من رغب عن سنتك فليس من أمتك وقد ضل سواء السبيل".
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : سبب هذه الآية
أن nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة ضافه ضيف؛ فانقلب nindex.php?page=showalam&ids=82ابن رواحة وضيفه لم يتعش؛ فقال لزوجه: ما عشيته؟ قالت: كان الطعام قليلا؛ فانتظرتك؛ فقال: حبست ضيفي من أجلي؟ طعامك علي حرام إن ذقته؛ فقالت هي: وهو علي حرام إن ذقته وإن لم تذقه؛ وقال الضيف: وهو علي حرام إن ذقته إن لم تذوقوه؛ فلما رأى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=82ابن رواحة قال: قربي طعامك؛ كلوا بسم الله؛ فأكلوا جميعا؛ ثم غدا إلى رسول الله - صلى اللـه عليه وسلم - فأخبره؛ فقال له رسول الله - صلى اللـه عليه وسلم -: "أحسنت"؛ ونزلت هذه الآية. [ ص: 238 ] وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الآية نزلت بسبب
nindex.php?page=hadith&LINKID=665350رجل أتى النبي - صلى اللـه عليه وسلم - فقال: يا رسول الله؛ إني إذا أصبت من اللحم انتشرت وأخذتني شهوتي؛ فحرمت اللحم؛ فأنزل الله هذه الآية.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: والطيبات في هذه الآية: المستلذات؛ بدليل إضافتها إلى "ما أحل"؛ وبقرينة ما ذكر من سبب الآية.
واختلف المتأولون في معنى قوله: "ولا تعتدوا"؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ؛ وغيرهما: وهو نهي عن هذه الأمور المذكورة من تحريم ما أحل الله ؛ وشرع ما لم يأذن به؛ فقوله:
"ولا تعتدوا"؛ تأكيد لقوله:
"لا تحرموا"؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن: المعنى: ولا تعتدوا فتحلوا ما حرم الله؛ فالنهيان على هذا تضمنا الطرفين؛ كأنه قال: لا تشددوا فتحرموا حلالا؛ ولا تترخصوا فتحلوا حراما؛ وقد تقدم القول في معنى:
"لا يحب المعتدين"؛ غير مرة.