قوله - عز وجل -:
وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون
قوله تعالى "وهذا"؛ إشارة إلى القرآن؛ و"مبارك"؛ صفة له؛ و"مصدق"؛
[ ص: 418 ] كذلك؛ وحذف التنوين من "مصدق"؛ للإضافة؛ وهي إضافة غير محضة؛ لم يتعرف بها "مصدق"؛ ولذلك ساغ أن يكون وصفا لنكرة؛ و"الذي"؛ في موضع المفعول؛ والعامل فيه مصدر؛ ولا يصلح أن يكون "مصدق" - مع حذف التنوين منه - يتسلط على "الذي"؛ ويقدر حذف التنوين للالتقاء؛ وإنما جاء ذلك شاذا في الشعر؛ في قوله:
فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا
ولا يقاس عليه؛ و"بين يديه"؛ هي حال التوراة؛ والإنجيل؛ لأن ما تقدم فهو بين يدي ما تأخر؛ وقالت فرقة: الذي بين يديه القيامة.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذا غير صحيح؛ لأن القرآن هو بين يدي القيامة.
وقرأ الجمهور: "ولتنذر أم القرى"؛ أي: "أنت يا محمد"؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر - رضي الله عنه - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : "ولينذر"؛ أي القرآن؛ بمواعظه؛ وأوامره؛ واللام في "ولتنذر"؛ متعلقة بفعل متأخر؛ تقديره: "ولتنذر أم القرى؛ ومن حولها؛ أنزلناه".
وأم القرى:
مكة؛ سميت بذلك لوجوه أربعة: منها أنها منشأ الدين؛ والشرع؛ ومنها ما روي أن الأرض منها دحيت؛ ومنها أنها وسط الأرض؛ ومنها ما لحق عن الشرع من أنها قبلة كل قرية؛ فهي - لهذا كله - أم؛ وسائر القرى بنات؛ وتقدير الآية: "لتنذر أهل أم القرى"؛ و"ومن حولها"؛ يريد أهل سائر الأرض؛ و"حولها"؛ ظرف؛ العامل فيه فعل مضمر تقديره: "ومن استقر حولها".
ثم ابتدأ - تبارك وتعالى - مدح قوم وصفهم وأخبر عنهم أنهم يؤمنون بالآخرة؛ والبعث والنشور؛ ويؤمنون بالقرآن؛ ويصدقون بحقيقته؛ ثم قوى - تبارك وتعالى - مدحهم بأنهم يحافظون على صلاتهم التي هي قاعدة العبادات؛ وأم الطاعات.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن؛ وأبو بكر - رضي الله عنه - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : "صلواتهم"؛ بالجمع؛ ومن قرأ بالإفراد فإنه مفرد يدل على الجمع؛ وإذا انضافت الصلاة إلى ضمير لم تكتب إلا بالألف ولا تكتب في المصحف بواو إلا إذا لم تنضف إلى ضمير.