قوله عز وجل:
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون
هذا تعنت منهم وقلة طواعية، ولو امتثلوا الأمر فاستعرضوا بقرة فذبحوها لقضوا
[ ص: 247 ] ما أمروا به، ولكن شددوا فشدد الله عليهم. قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية وغيرهما.
ولغة
بني عامر "ادع" بكسر العين، و"ما" استفهام رفع بالابتداء و"هي" خبره، ورفع "فارض" على النعت للبقرة على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش ، أو على خبر ابتداء مضمر تقديره لا هي فارض. والفارض: المسنة الهرمة التي لا تلد، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وغيرهم.
تقول فرضت تفرض بفتح العين في الماضي فروضا، ويقال: فرضت بضم العين، ويقال لكل ما قدم وطال أمده: فارض، وقال الشاعر :
يا رب ذي ضغن علي فارض له قروء كقروء الحائض
والبكر من البقر التي لم تلد من الصغر، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : أنها التي ولدت ولدا واحدا، والبكر من النساء: التي لم يمسها الرجل، والبكر من الأولاد: الأول، ومن الحاجيات: الأولى. والعوان: التي قد ولدت مرة بعد مرة قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13673والأخفش ، وحكاه أهل اللغة، ومنه قول
العرب : "العوان لا تعلم الخمرة"، وحرب عوان: قد قوتل فيها مرتين فما زاد، ورفعت عوان على خبر ابتداء مضمر، تقديره هي عوان، وجمعها عون بسكون الواو، وسمع عون بتحريكها بالضم. و"بين" بابها أن تضاف إلى اثنين وأضيفت هنا إلى "ذلك"، إذ ذلك يشار به إلى المجملات، فذلك عند
[ ص: 248 ] nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه نازل منزلة ما ذكر، فهي إشارة إلى مفرد على بابه، وقد ذكر اثنان فجاءت أيضا "بين" على بابها.
وقوله:
فافعلوا ما تؤمرون تجديد للأمر، وتأكيد، وتنبيه على ترك التعنت فما تركوه، و"ما" رفع بالابتداء و"لونها" خبره. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد، وجمهور الناس في قوله: "صفراء"، إنها كانت كلها صفراء، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي رحمه الله عن بعضهم: حتى القرن والظلف، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : كانت صفراء القرن والظلف فقط. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أيضا: "صفراء" معناه سوداء، وهذا شاذ لا يستعمل مجازا إلا في الإبل، وبه فسر قول
الأعشى ميمون بن قيس :
تلك خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب
والفقوع: نعت مختص بالصفرة، كما خص أحمر بقانئ، وأسود بحالك، وأبيض بناصع، وأخضر بناضر. و"لونها" فاعل بـ "فاقع"، و
تسر الناظرين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، كانت كأن شعاع الشمس يخرج من جلدها، فمعناه تعجب الناظرين، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره: "الصفرة تسر النفس"، وحض
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على لباس النعال
[ ص: 249 ] الصفر، حكاه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش ، وحكي نهي
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17298ويحيى بن أبي كثير عن
لباس النعال السود، لأنها تهم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي :
تسر الناظرين معناه في سمنها ومنظرها كله، وسألوه بعد هذا كله عما هي سؤال متحيرين قد أحسوا بمقت المعصية، و"البقر" جمع بقرة، ويجمع أيضا على باقر، وبه قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17344ابن يعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ، وتجمع على بقير، وبيقور، ولم يقرأ بهما فيما علمت.
وقرأ السبعة "تشابه" فعل ماض، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج "تشابه" بشد الشين وضم الهاء أصله تتشابه، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر ، فأدغم، وقرأ أيضا "تشابه" بتخفيف الشين على حذف التاء الثانية، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود "يشابه" بالياء وإدغام التاء، وحكى
المهدي عن
المعيطي "تشبه" بتشديد الشين والباء دون ألف، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني قراءة "متشبه" اسم فاعل من تشبه، وحكي أيضا "يتشابه".
وفي استثنائهم في هذا السؤال الأخير إنابة ما وانقياد، ودليل ندم، وحرص على موافقة الأمر، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
لولا ما استثنوا ما اهتدوا إليها أبدا والضمير في "إنا" هو اسم "إن"، و "مهتدون" الخبر، واللام للتأكيد، والاستثناء اعتراض قدم على ذكر الاهتداء تهمما به.