قوله - عز وجل -:
إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
هذه الآية عامة في جميع الكفرة؛ قديمهم وحديثهم؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر :
"لا تفتح"؛ بضم التاء الأولى؛ وتشديد الثانية؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو : "تفتح"؛ بضم التاء؛ وسكون الفاء؛ وتخفيف الثانية؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : "يفتح"؛ بالياء من أسفل؛ وتخفيف التاء؛ وقرأ
أبو حيوة؛ وأبو إبراهيم "يفتح"؛ بالياء؛ وفتح الفاء؛ وشد التاء؛ ومعنى الآية: "لا يرتفع لهم عمل؛ ولا روح؛ ولا دعاء"؛ فهي عامة في نفي ما يوجب للمؤمنين بالله تعالى ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره.
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في كيفية قبض روح المؤمن؛ والكافر آثارا؛ اختصرتها؛ إذ ليست بلازمة في الآية؛ وللين أسانيدها أيضا.
[ ص: 563 ] ثم نفى الله - عز وجل - عنهم دخول الجنة؛ وعلق كونه بكون محال؛ لا يكون؛ وهو أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة؛ حيث يدخل الخيط؛ والجمل كما عهد؛ والسم كما عهد.
وقرأ جمهور المسلمين: "الجمل"؛ واحد الجمال؛ وقال الحسن: هو الجمل الذي يقوم بالمربد؛ ومرة لما أكثروا عليه قال: هو الأشتر ؛ وهو "الجمل"؛ بالفارسية؛ ومرة قال: هو الجمل ولد الناقة؛ وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذه عبارة تدل على حرج السائل؛ لارتياب السائلين لا شك باللفظة؛ من أجل القراءات المختلفة؛ وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه كان يقرأ: "حتى يلج الجمل الأصفر"؛ وقرأ
أبو السمال: "الجمل"؛ بسكون الميم؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ؛
nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ؛
ومالك بن الشخير؛ nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء : "الجمل"؛ بضم الجيم؛ وتشديد الميم؛ وهو حبل السفينة؛ وقرأ
سالم الأفطس؛ وابن خير؛ nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر أيضا: "الجمل"؛ بتخفيف الميم؛ من "الجمل"؛ وقالوا: هو حبل السفن؛ وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أن الذي روى تثقيل الميم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - كان أعجميا؛ فشدد الميم؛ لعجمته.
قال
القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذا ضعيف؛ لكثرة أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - على القراءة المذكورة؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ؛ فيما روي عنه: "الجمل"؛ بضم الجيم؛ وسكون الميم؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا: "الجمل"؛ بضم الجيم؛ والميم.
و"السم": الثقب من الإبرة وغيرها؛ يقال "سم"؛ و"سم"؛ بفتح السين؛ وكسرها؛ وضمها؛ وقرأ الجمهور بفتح السين؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين بضمها؛ وقرأ
أبو حيوة بضمها وبكسرها؛ وروي عنه الوجهان؛ و"الخياط"؛ و"المخيط": الإبرة؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود :
[ ص: 564 ] "في سم المخيط"؛ بكسر الميم؛ وسكون الخاء؛ وفتح الياء؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة : "في سم المخيط"؛ بفتح الميم؛ وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي على هذه الصفة؛ وبمثل هذا الحتم وغيره يجزى الكفرة؛ وأهل الجرائم على الله - تبارك وتعالى.
وقوله تعالى
لهم من جهنم مهاد ؛ المعنى أن جهنم فراش لهم؛ ومسكن؛ ومضجع يتمهدونه؛ وهي لهم غواش؛ جمع "غاشية"؛ وهي ما يغشي الإنسان؛ أي يغطيه ويستره من جهة فوق؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : "المهاد": الفراش؛ و"الغواشي": اللحف؛ ودخل التنوين في "غواش"؛ عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لنقصانه عن بناء "مفاعل"؛ فلما زال البناء المانع من الصرف بأن حذفت الياء حذفا؛ لا للالتقاء؛ بل كما حذفت من قوله تعالى
والليل إذا يسر ؛ و
ذلك ما كنا نبغ ؛ ومن قول الشاعر:
...................... ............ ثم لا يفر
زال الامتناع؛ وهذا كقولهم: "ذلذل"؛ بالتنوين؛ وهم يريدون "الذلاذل"؛ لما زال البناء؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : والتنوين في "غواش"؛ عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ؛ عوض من الياء المنقوصة؛ ورد
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي أن يكون هذا هو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ؛ ويجوز الوقوف بياء؛ وبغير ياء؛ والاختيار بغير ياء.
وقوله تعالى
والذين آمنوا وعملوا الصالحات ؛ الآية؛ هذه آية وعد مخبرة أن جميع المؤمنين هم أصحاب الجنة؛ ولهم الخلد فيها؛ ثم اعترض أثناء القول بعقب الصفة؛ التي شرطها في المؤمنين باعتراض يخفف الشرط ويرجي في رحمة الله تعالى ؛ ويعلم أن دينه يسر.
وهذه الآية نص في أن الشريعة لا يتقرر من تكاليفها شيء لا يطاق؛ وقد تقدم القول
[ ص: 565 ] في جواز تكليف ما لا يطاق؛ وفي وقوعه؛ بمغن عن الإعادة.
و"الوسع"؛ معناه: الطاقة؛ وهو القدر الذي يتسع له قدر البشر.