قوله عز وجل:
قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون
هذه من كمال الحجة. أي: هذا الكلام ليس من قبلي ولا من عندي، وإنما هو من عند الله، ولو شاء ما بعثني به ولا تلوته عليكم ولا أعلمتكم به. و
أدراكم بمعنى: أعلمكم، يقال: دريت بالأمر وأدريت غيري، وهذه قراءة الجمهور، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير في بعض ما روي عنه: "ولأدراكم به" وهي لام تأكيد دخلت على "أدرى"، والمعنى -على هذا- ولأعلمكم به من غير طريقي، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : "ولا أدرأتكم به" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 462 ] أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب : "ولا أنذرتكم به" ، وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن على لغة لبعض العرب منها قولهم: "لبأت" بمعنى "لبيت"، ومنها قول امرأة منهم: "رثأت زوجي بأبيات"، أي: رثيت. وقال
أبو الفتح: إنما هي "أدريتكم" قلبت الياء ألفا لانفتاح ما قبلها، وروينا عن
قطرب: إن لغة
عقيل في أعطيتك: أعطأتك، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم : قلبت الياء ألفا كما في لغة
بني الحارث بن كعب : "السلام علاك".
ثم قال:
فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أي الأربعين سنة قبل بعثته عليه السلام، ويريد: لم تجربوني في كذب ولا تكلمت في شيء من هذا،
أفلا تعقلون أن من كان على هذه الصفة لا يصح منه كذب بعد أن كل عمره وتقاصر أمله واشتدت حنكته وخوفه لربه، وقرأ الجمهور بالبيان في "لبثت" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو : "لبت" بإدغام الثاء في التاء.
وقوله تعالى:
فمن أظلم الآية، جاء في هذه الآية التوقيف على عظم جرم المفتري على الله بعد تقدم التنصل من ذلك، قيل: فاتسق القول واطردت فصاحته، وقوله:
فمن أظلم استفهام وتقرير، أي: لا أحد أظلم
ممن افترى على الله كذبا أو ممن
كذب بآياته بعد بيانها، وذلك أعظم جرم على الله، وأكثر استشراف إلى عذابه. ثم قرر أنه لا يفلح أهل الجرم، و
يفلح معناه: يظفر ببغيته.
وقوله تعالى:
ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم الآية، الضمير في "يعبدون" عائد على الكفار من قريش الذين تقدمت محاورتهم، و
ما لا يضرهم ولا ينفعهم هي الأصنام، وقولهم
هؤلاء شفعاؤنا هو مذهب النبلاء منهم، فأمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقررهم ويوبخهم: أهم يعلمون الله بأنباء من السماوات والأرض لا يعلمها هو؟ وذكر "السماوات" لأن من
العرب من يعبد الملائكة والشعرى، وبحسب هذا حسن أن يقول: "هؤلاء"، وقيل: ذلك على تجوز الأصنام
[ ص: 463 ] التي لا تعقل، وفي التوقيف على هذا أعظم غلبة لهم، ولا يمكنهم إلا أن يقولوا: لا نفعل ولا نقدر، وذلك لهم لازم من قولهم:
هؤلاء شفعاؤنا . و
سبحانه استئناف تنزيه لله عز وجل، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر هنا: "عما يشركون" بالياء على الغيبة، وفي حرفين في النحل، وحرف في الروم، وحرف في النمل، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم أنه قرأها كذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وابن القعقاع، وشيبة ،
وحميد، nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع هنا وفي النمل فقط: "تشركون" بالتاء على مخاطبة الحاضر، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي الخمسة الأحرف بالتاء، وهي قراءة
أبي عبد الرحمن .