قوله عز وجل:
قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل: للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين
المعنى: قل: يا أيها الكفرة المستعجلون عذاب الله عز وجل
أرأيتم إن أتاكم عذابه ليلا وقت المبيت؟ يقال: بيت القوم القوم إذا طرقوهم ليلا بحرب أو نحوها، "أو نهارا" لكم منه منعة أو به طاقة؟ فماذا تستعجلون منه، وأنتم لا قبل لكم به؟ و "ما" ابتداء، و "ذا" خبره، ويصح أن تكون "ماذا" بمنزلة اسم واحد في موضع رفع بالابتداء وخبره الجملة التي بعده، وضعف هذا
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي وقال: إنما يجوز ذلك على تقدير إضمار في "يستعجل" وحذفه كما قال :
............................. ... كله لم أصنع
[ ص: 490 ] و"زيد ضربت"، قال: ويصح أن تكون "ماذا" في حال نصب لـ"يستعجل"، والضمير في "منه" يحتمل أن يعود على الله عز وجل، ويحتمل أن يعود على العذاب .
وقوله تعالى:
أثم إذا ما وقع الآية، عطف بقوله: "ثم" جملة القول على ما تقدم، ثم أدخل على الجميع ألف التقرير. ومعنى الآية: إذا وقع العذاب وعاينتموه آمنتم به حينئذ، وذلك غير نافعكم، بل جوابكم الآن، وقد كنتم تستعجلونه مكذبين به، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف : "أثم" بفتح الثاء، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في قوله تعالى: "ثم" بضم الثاء، معناه: هنالك، وقال: ليست "ثم" هذه التي تأتي بمعنى العطف.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمعنى صحيح على أنها "ثم" المعروفة، ولكن إطباقه على لفظ التنزيل هو كما قلنا، وما ادعاه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري غير معروف. و"آلآن" أصله عند بعض النحاة "آن" فعل ماض دخلت عليه الألف واللام على حدها في قوله:
............................. ... .......الحمار اليجدع
[ ص: 491 ] ولم يتعرف بذلك كل التعريف، ولكنها لفظة مضمنة معنى حرف التعريف ولذلك بنيت على الفتح لتضمنها معنى الحرف، ولوقوعها موقع المبهم، لأن معناها: "هذا الوقت"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ، والجمهور: "آلآن" بالمد والاستفهام على حد التوبيخ، وكذلك "آلآن وقد عصيت"، وقرأها باستفهام بغير مد
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج .
وقوله تعالى:
ثم قيل للذين ظلموا الآية، هو الوعيد الأعظم بالخلود لأهل الظلم الأخص الذي هو ظلم الكفر لا ظلم المعصية، وقوله:
هل تجزون توقيف وتوبيخ. ونصت هذه الآية على أن الجزاء في الآخرة هو على تكسب العبد.
وقوله تعالى:
ويستنبئونك معناه: يستخبرونك، وهي -على هذا- تتعدى إلى مفعولين: أحدها الكاف، والآخر في الابتداء والخبر، وقيل: هي بمعنى يستعلمونك، فهي -على هذا- تحتاج إلى مفاعيل ثلاثة: أحدها الكاف، والابتداء والخبر يسد مسد المفعولين.
و
أحق هو قيل: الإشارة إلى الشرع والقرآن، وقيل: إلى الوعيد، وهو الأظهر، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : "آلحق هو" بمدة وبلام التعريف، وقوله: "إي" هي لفظة تتقدم القسم، وهي بمعنى "نعم"، ويجيء بعدها حرف القسم وقد لا يجيء، تقول: إي وربي، وإي ربي، و"معجزين" معناه: مفلتين، وهذا الفعل أصله تعدية "عجز" لكن كثر فيه حذف المفعول حتى قالت العرب: "أعجز فلان" إذا ذهب في الأرض فلم يقدر عليه.