[ ص: 42 ] باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق
اختلف الناس في هذه المسألة؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة وغيره: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة، وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة، وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد، وذلك مثل قوله تعالى:
إن ناشئة الليل [المزمل: 6] قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة: قام من الليل، ومنه قوله تعالى:
يؤتكم كفلين من رحمته [الحديد: 28].
قال
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري: كفلان: ضعفان من الأجر بلسان الحبشة وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في القسورة إنها الأسد بلغة الحبشة إلى غير هذا من الأمثلة.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16310القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: والذي أقوله: إن القاعدة والعقيدة هي أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر، فأما هذه الألفاظ وما جرى مجراها فإنه قد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وبرحلتي قريش، وكسفر
مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس إلى
الشام، وسفر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب، وكسفر
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة، وكسفر
الأعشى إلى
الحيرة وصحبته لنصاراها مع كونه حجة في اللغة، فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة، واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح، ووقع بها
[ ص: 43 ] البيان، وعلى هذا الحد نزل بها القرآن، فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره، كما لم يعرف
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس معنى «فاطر» إلى غير ذلك. فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية، لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه، وما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة فذلك بعيد، بل إحداهما أصل، والأخرى فرع في الأكثر؛ لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا.